سيدي ولد الزحاف.. الطبيب الإنسان / محمد صالح

خميس, 2022-03-17 01:34

ولد الدكتور سيدي ولد الزحاف أواخر ستينات القرن الماضي في بلدة عين فربه، وعاش وتربى في وسط اجتماعي عرف بتشبثه بالقيم والأخلاق المستمدة من الدين الإسلامي الحنيف، والتعلق بالسنة النبوية الغراء.

تعلم القرآن كسائر أبناء الأسر التي تتوق إلى اكتساب المعرفة والتشبث بشروط الفتوة والمعالي من سلوك وسيرة، ثم التحق بالمدرسة الابتدائية بعين فربه ونجح متفوقا في مختلف المراحل، وواصل تعليمه النظامي إلى أن حصل على شهادة البكالوريا في العلوم الطبيعية، فالتحق بكلية الطب بأوكرانيا، وبعيد تخرجه عاد إلى أرض الوطن، وتم اكتتابه كطبيب في وزارة الصحة، وعمل سنوات عديدة كطبيب رئيس في فم لگليته، ومقاطعات الطينطان وامبان، وتم اكتتابه لمدة سنوات كخبير في مشروع ألماني لدعم النظام الصحي في ولاية الحوض الغربي.

بعد هذه التجربة التحق بجامعة أنفرس ببلجيكا لدراسات التخصص في الصحة العمومية، وبعد عودته بقي تحت تصرف وزارة الصحة التي ظلت مستغنية عن خدماته حتى اكتتبه صندوق الأمم المتحدة للطفولة رئيسا لمشروع الإيدز والملاريا، وعمل كثيرا في منطقة غرب أفريقيا والمغرب العربي كخبير في الصحة العمومية.

وللوزير سيدي ولد الزحاف قصة عجيبة ونادرة في سياق الجري وراء المنافع الحلال، والبعد عن التكسب من الحرام، إذ أنه حين تم اكتتابه في صندوق الأمم المتحدة للأمومة والطفولة؛ جاء الإدارة المالية في وزارة الصحة يسأل القائمين عليها عن الطريقة التي يمكنه بها أن ينهي تلقي راتب الوظيفة العمومية، لأنه حسب قوله لم يعد له الحق في الاستفادة منه لأنه لم يعد يخدم الدولة، فأجابه الموظف الذي قابله بأنه لا يمكن أن يجيبه، لأنهم في تلك الإدارة تعودوا أن يأتيهم من يريد راتبا، ولم يستقبلوا قبله قط من يريد الاستغناء عن الراتب، وإن ثمّة من يتقاضى أكثر من راتب.

وبعد أن تولى نذير ولد حامد وزراة الصحة استدعاه لشغل منصب المدير العام للصحة، وبعد تعيينه على الإدارة العامة للصحة بأشهر ظهرت جائحة كورونا، فشهد الجميع بحسن أداء هذا الطبيب الشاب، وتعاطيه المهني الإنساني مع النفسية العامة للمجتمع الموريتاني بفعل ما ترتب عن الجائحة من وفيات، لكنه ظل دائما يصنع الأمل من خلال التعامل مع المرضى والمصابين، وحتى من خلال الإلحاح على حرص تجنب الإصابة بكوفيد باستعمال وسائل الحماية.

وبعد إقالة نذير ولد حامد تولى الوزارة، فكان المؤتمر الصحافي الذي عقده مؤخرا أكبر دليل على مهنيته وتمكنه وكفاءته، وقدرته على قيادة قطاع الصحة.

كما أنه أظهر إلماما واسعا بواقع المجتمع الموريتاني، وبطبيعة المعوقات التي تقف حجر عثرة أمام إقامة نظام صحي يستجيب لمتطلبات المجتمع الموريتاني في مجالي الوقاية وعلاج كل الأمراض.

أما الذين ينتقدون هذا الوزير الشاب فما فعلوا ذلك إلا حسدا من أنفسهم، ويحاولون تغطية الشمس بغربال وذلك ما لا يكون، والذي ينظرون إلين بندية الشرائحية وضغائنها، فأولئك لا يعرفون الرجل لا تربية ولا تكوينا.
فكل الذي يفكر انطلاقا من لون بشرته أو انتمائه الضيق لا يمكن أن يفهم الآخرين على حقيقتهم.