منظمة سياسية تتحدث عن رؤويتها للشباب، وتطالب بإشراكه بقوة في الحوار المرتقب

أربعاء, 2025-06-04 15:19

فقرُ الشّباب – نداءٌ إلى الضّمير الوطني

هذا النص ليس حكماً، ولا هجوماً. إنّه استغاثة. صرخةُ قلبٍ موجَّهةٌ إلى كل من يملكون القدرة على التّغيير.

في بلدٍ جميلٍ كموريتانيا، غنيٍّ بتنوّعه الثقافي وبشبابه الذين يشكّلون 70٪ من سكانه، من المؤلم أن نرى تزايد الفقر بين الشباب. فقرٌ يدفع بالآلاف إلى الهجرة، لا هربًا من المستقبل الغامض فقط، بل هربًا من دوّامةٍ من الديون، والضغط الاجتماعي، واليأس، وانعدام الأفق.

ومع ذلك، لا تنقص هؤلاء الشباب الأفكار، بل ينقصهم الدعم، والتمويل، والمواكبة. توجد آلياتٌ لتمويل المشاريع، لكنها غالبًا ما تكون غامضة، بعيدة المنال، تفتقر إلى التواصل الفعّال والشفافية الحقيقية. تمرّ دعوات تمويل المشاريع دون أن تُرى. التكوين المهني غير منسجم مع سوق العمل. لا وجود تقريبًا لجسور أو مراحل انتقالية بين الدراسة والعمل. وفي نظامنا القضائي، على أبسط الجُنح، يكون السجن هو المصير – لا بدائل كالأشغال ذات النفع العام. فتمتلئ السجون بشبابٍ كان من الممكن إنقاذهم بالتوجيه، أو التكوين، أو فرصة عمل.

هذا لا يُبرّئ الشباب تمامًا. فبعضهم يفتقر أحيانًا للانضباط أو الجديّة أو الحافز. لكن، هل قدّمت لهم الدولة والمجتمع الأدوات التي تمكّنهم من النجاح؟ أين هو المخطط الوطني للتعليم الذي يواكب عصرنا؟ أين الرؤية بعيدة المدى التي تُعدّ جيلًا قادرًا على مواجهة تحديات الغد؟

لقد حان الوقت للاعتراف أننا جميعًا قد فشلنا: الدولة، والمنتخبون، والمؤسسات، والعائلات. بل حتى هؤلاء الشباب الذين استسلموا، لأنهم ما عادوا يملكون القوة للقتال وبطونهم خاوية.

أما البنوك، فتستفيد من ضماناتٍ حكومية أو دولية لتمويل مشاريع قليلة المخاطر، لكنها تحصر تلك الأموال في دوائرها الضيقة: شركاتها الخاصة، أفراد عائلاتها، وأصدقائها. دون رقابة من الدولة، ودون رقابة من البرلمان.

وفي الأثناء، يُمنع شابٌ حالمٌ بالزراعة من الحصول على قطعة أرض لعدم وجود ضمانات… ويُطلب منه إثبات القدرة المالية! حلقة مفرغة، قاسية، وعبثية.

والأدهى؟ في بلدٍ يشكّل من هم دون الأربعين غالبيته، لا يُسمح بالترشح لرئاسة الجمهورية قبل سنّ الخامسة والأربعين. هذه ليست ديمقراطية، بل مصادرة. لماذا لا يحق لشاب أن يحلم بقيادة وطنه؟ مختار ولد داداه قاد موريتانيا وهو دون الأربعين. الحسن الثاني، القذافي، إيمانويل ماكرون، وباسيرو ديوماي فاي في السنغال قادوا بلدانهم وهم شباب. أما في موريتانيا، فالرسالة واضحة: "كن شيخًا، أو اصمت".

هذا الظلم يطال كل شيء. حتى السكن. أسعار الأراضي في نواكشوط أصبحت جنونية، تضاعفت عشر مرات في أربع سنوات. المضاربة العقارية غير المنظّمة حرمت جيلاً كاملًا من الحلم بالملكية. بينما كان بإمكان ضريبة على تعدّد الأملاك أن تعيد التوازن لهذا النظام المجحف.

وماذا عن البرلمان؟ مؤسسة يُفترض بها تمثيل الشعب، لكن بعض أعضائها لا يقدّمون شيئًا نافعًا. يتكلّمون، يصرخون، يتّهمون، لكنهم لا يكتبون قوانين تحمي أو تموّل أو تدمج أو تؤهّل شبابنا. يخلطون بين الظهور والمسؤولية.

ولو كانت دعوات الشعب الصامتة تُحدث أثرًا في مجرى الأمور، لانحلّ البرلمان منذ زمن.

نعم، أرفع صوتي. لأنّ الصّمت تواطؤ. لأنّ الشاب الطموح في موريتانيا يُعامل كخطر. يُمنَع من الظهور، من الإبداع، من الابتكار. لا بد من كسر هذه اللعنة.

أتوجّه إلى ضميرنا الجمعي: انظروا حولكم. انظروا إلى هذه الشباب المنهكة نفسيًا، المهمّشة، المهانة. انظروا إلى هؤلاء الطلبة النابغين الذين يُطلب منهم ثلاث سنوات من الخبرة لأول وظيفة! انظروا إلى هؤلاء المقاولين الشباب الذين يُقصَون من الصفقات العمومية لأنهم لا يملكون "تاريخًا"، ولا "شهادة حسن تنفيذ"، ولا "وساطة".

واسألوا أنفسكم: ما قيمة وطنٍ يسحق خلفه؟

الشيخ ماء العينين الشبيه الشيخ ماء العينين
رئيس منظمة "سيمينا"
ورئيس مجموعة الأطر المثقفة الوطنية الموريتانية (GCIPM)