لم تكن موفقا في قراءة اللوحة و لا أمينا في نقل تفاصيلها او تفسير خطوطها و اتجاهاتها ، كما لم تكن منسجما مع ذاتك و خطك الذي طالما تواريت خلفه يسارا ، مثلما كنت ومدرستك (اليسارية ) متمترسين ردحا طويلا من الزمن خلف قضية لحراطين خصوصا و المهميش عموما قبل أن يسقط القناع و يتعثر جواد الحراطين و العبيد و العبيد السابقين في وحل مزاداتكم و إبتزازاتكم ، ولكي نسعفك أولا قبل أن نعالجك ثانيا فقط أذكرك بأن لحراطين لم يكونوا يوما إلا في صدارة المشهد و في الصدارة عموما منذ بواكير تاريخ هذه الأرض التي لازلت انت و ربما آخرين من حولك يشككون في وجودها و تاسيسها وحياتها ، نعم ياصاحب قافلة العبيد نحن في الصدارة حينما كانت هذه الأرض تراد من البافور و آزكرن و إيزكارن والدخن ، نحن في الصدارة حينما كانت هذه البلاد تفلح ( ذرة و قمحا و شعيرا و زرعا و نخلا ) نحن في الصدارة حينما كانت الجاهلية و الجهل يدفع بأهل هذه الأرض و الدخلاء عليهم للتناحر و التقانل ، كنا نحن في االصدارة نعمر و نسقي ونطعم الجياع من عرق جبيننا و كد سواعدنا و نربي البائس و اليتيم ، ولد سيدي ميله ! لم يكن إستفهامك في محله و لا إسنشهادك في موضعه و انت أنت الذي طالما تسلقت و أمتطيت و أسلت حبرا كاذبا كما أثبتت الأيام ، حول العبودية و العبيد و لحراطين و الحرطنة و أصول البربر و الفلان و الولوف ، أم أنك كنت ترسمها لوحة زيتية كوسيلة لغايتك و ما عدت ترجوها ؟! ولد سيدي _ ميله ! لسنا مجندين سينغاليين و لا جنودا غرب إفريقيين ولعلك خير العارفين ! بل نحن ساكنة أصليين لهذه الأرض و إن داس على كرامتنا و عزتنا و منعتنا إخوة لنا في الوطن و الدين و تكالبت علينا عاتيات الجغرافيا و عاديات التاريخ ، ولسنا سنغاليين ايضا لأننا ببساطة أبناء ” آبيير و وادان و شنقيط و تينيكي و ولاتة و تيشيت و ترتلاس و شمامه و دبانكوا و لكديه و أمبود وتكانت و سلسلة موريتانيد و المجابات الكبرى و سرماغة كيفه و أميرله و بوسطيله و أدباي ، ولم تكن أنت أمينا مع نفسك و أيضاو أنت خير العارفين بأنه لا مشهد اليوم أو غد كما بالأمس الا ذاك الذي يتصدره لحراطين و يتربعه لحراطين و يتقدمه لحراطين و يحفه لحراطين ، حين كنت تموج مع المائجين منهم لترج الساحة ( الحقوقية ) رجا و تدفعون بهم الى المواجه دفعا ، ولم تكن في هذه كما في غيرها منسجما مع حالك و لا مع حال غيرك من الفرقاء الذين حشرت نفسك بينهم ، فتلك هي المعارضة (العاطفية ) تدفع بقيادات حرطانية لصدارة واجهاتها و تستنفر جماهيرهم شيبا و شبابا لتختبأ خلفهم و ليكونو هم وقود مآربهم الشخصية المدفوعة الثمن كأقلام ألفناها ، لقد أغفلت عمدا و إستغباء لنباهة الحرطاني و إستغلال معهودا لديكم لمحنته و مشاعره ، أنه كان في اللوحة هنا عندنا و هناك عندكم آخرين ربما كانوا هم مفتاح اللوحة نفسها ، لكنهم أيقنوا بحقيقة أن أي تاأيف للمشهد او صناعة للحدث او معالجة للحاضر او إستشراف للمستقبل حتما لابد و أن يمر عبر لحراطين ، أمانة منهم مع أنفسهم و تسليما بمعطيات الحال إستحقاقا بجدارة أنتزعنه زعامات لحراطين بصدقها و وفاءها لعهودها و انحيازها لوطنها عبر مر تاريخهم و مجمل مواقفهم ، متجاوزينك و مدرستك في الأمانة و الواقعية و صدق المشاعر و المبادئ تجاه القضية قضية المهمشين قضية العبيد قضية لحراطين ، غني هنا عن تذكيرك يا ولد _ ميله أن لحراطين اليوم لم يعودوا بحاجة لمن يقرأ لهم اللوحة او يحلل لهم المشهد او يحدثهم عن الصميم او يحدد لهم الموقف ، بل إنهم لم يعودوا محتاجين الى أقلام مثل قلمك الذي كتب فيهم و عنهم يوما محرضا و مستغلا و ممتطيا . ” العبيد إذا أرادوا قرانا يلجؤون إلينا ” هههه عجبا .. ! و ” سا محينا يا أمعاء العبيد ” … و ” الأنعتاق المجهول ” … هنا أتساأل أنا ..ماذا كنت تهدف إليه من وراء هذه المقالات ؟ ان يبقى لحراطين خلف الستار او في المقاعد الخلفية اوخارجة اللعبة و خطوط اللوحة ؟ .. ولد سيدي ميله في كل منعطف تاريخي حاسم في صنع الأحداث في موريتانيا تسقط أقنعتكم أيها المتياسرون .. ولد سيدي ميله لا تجرب مدادك مع لحراطين فقد خبروا كيف يعدون القرطاس و يمتشقون القلم .. ولد سيدي ميله لن تكونوا فرنسيين و لن يكونوا هم ألمان .. أما نحن فأبعد ما نكون عن السينغاليين . تحياتي .