شاهدت كغيري الومضة المسجلة للمعارض المخضرم أحمد ولد داداه، و لأنها حملت من الأخطاء ما غصت به دقائقها السبع، لم أجد صعوبة في جرد بعضها على عجل. السياسي المشهور اختار وسيلة محلية تابعة للتنظيم العالمي للإخوان المسلمين لتمرير صوته، في مغازلة مكشوفة للنظام القطري و ترسانته الإعلامية التي كان لها إثم إيقاظ الفتن في العالم الإسلامي، في حين تشرع قنوات موريتانية مستقلة أبوابها أمام المعارض أحمد، لكنه فضل بث إشارة لتميم و حلفه ربما لن تصل في الوقت المناسب، هي أشبه بما بعثه سكان الأرض لمخلوقات الفضاء المفترضة.
لم يجد رئيس حزب تكتل القوى الديمقراطية حرجا في الوقوف ضد مشروع وطني طموح، مشروع يمنح اعتبارا للمقاومين و الشهداء رافضا وضع ما يرمز لبطولاتهم و أمجادهم، متناسيا أن لهم من الأحفاد و المستلهمين من سيحز في نفوسهم وقوفه ضد مشروع انتظروا طويلا رؤيته يتحقق. ثق يا ولد داداه سوف تلقى نظير الصاع صاعين في كل مرة تستجدي أصواتهم، ألم يكن حريا برجل شاب رأسه في الإسلام الترحم على أرواح شهداء الوطن بدل النيل منهم؟ يا رئيس التكتلأحفاد الأبطال المجاهدين ليسوا أقل شأنا من ذرية حملة الريشة، و الرسالة من خلالك إلى كل من يمتهن السياسة.
اختار معارضنا توقيتا استثنائيا حسب ما يتصور هو و بعض السياسيين، توقيت الخلاف مع صانعة القادة من جذاذة المجتمع قطر "قد يكون قريبا" مظنة التنصيب غدا كما حدث مع محمد مرسي العياط في مصر.
صدقت أيها المعارض المخضرم، تمر موريتانيا حقا عبر منعطف تاريخي، أنت من سماه أول أيامه "حركة تصحيحية" ثم نكصت بعد صدمة الباء الطائرة و الربيع العربي الزاحف و سباحة منك عكس التيار، فانساح من حولك الكل نحو براح التنمية و ميادين التشييد و العمران. أنظر كيف يفعل من تتهمه اليوم و هو ولي أمرنا و أمرك، جاعلا من الساحة التي أراد لها العملاء أن تكون منطلق الخراب و الدمار باحة لأبراج شاهقة، هذه لغتنا و تلك لهجتكم هكذا فعلنا و كذلك أمانيكم.
دعك من الوعد و الوعيد فقد سبقك من ينجز و مشاريعه أصدق أنباء من كتبكم و أسفار دعاة التفرقة و أما وعيدك فاذكر جيدا "زعم الفرزدق أن سيقتل مربعا أبشر بطول سلامة يا مربع"
حزبكم مرتع برجوازية و عائلات طرابلسية (نسبة إلى طرابلس) تتوارث الرتب و المناصب داخله، لذلك لا تعرف من يطلب الدواء من المستشفيات الموريتانية، عليك التواصل مع فئات الشعب لتعرف الحقيقة التي لا غبار عليها: اليوم تقدم مؤسساتنا التابعة لقطاع الصحة خدماتها دون تقصير أو تمييز و بكل أمانة، و الأرقام التي تفرزها الإحصائيات تؤكد تناقصا مستمرا في حالات الرفع إلى الخارج، أنت إذا كمن يريد حجب الشمس بغربال، و لأنك محاط بأبناء وزراء الحقب البائدة ممن نهبوا ثرواتنا، كمموا أفواهنا و لجموا شبابنا، كبحوا إقبالنا على البناء و التمنية و مطالبتنا بالعدالة و المساواة، لا ترى إلا من زاويتهم، زاوية أباطرة المال و الصفقات و من كانت تلك عصبته و ظهيرا له لا يتكلم في الفساد و أهله، دون شك هو أبعد الناس من الناس.
الحديث عن الاستقرار و الوحدة الوطنية، حق لمن لا يصف بيرام ولد أعبيدي العنصري بالحقوقي. من يوافق حركة إيرا المتطرفة رأيها في شريحة البيظان و يستكثر على الشهداء لونا في العلم لا أحد يصغي إليه، راجع نفسك و قم بإحصاء مناقبك في سبيل اللحمة الاجتماعية، ستجد وصفا للعملاء بالمناضلين و إذكاء الفوضى و الدعوة للانقلابات صراحة و ضمنيا، أنظر إلى سياسيي العالم و استخلص الدروس و العبر، مهما بلغت الحدية في المعارضة بأحدهم لم و لن يقف ضد وطنه و شعبه.
التشخيص الذي قدمه المعارض المخضرم، كان بعيدا من الواقع، تجاهل المعطيات و الأحداث، استند على كلام إنشائي لا معنى له و لا قيمة أدبية. النشاز الموسيقي و التلعثم و الانتقال بين طبقات اللغة و اللهجة طبعت الدقائق السبع.
ولد داداه تكلم كزعيم حركة انفصالية، ابتعد عن المألوف من المصطلحات و المتعارف عليه بين الساسة، "النظام" كلمة كرسها إعلام الخراب لا محل لها في حديث سياسي تظله المساطر القانونية و الأعراف الديمقراطية. و ما تسميته رئيس البلاد مجردا إياه من كل صفة استحقها فنالها، إلا تماديا في رفض السير بانضباط على سكة اختارها و ألف الانحراف عنها متى ما أفرز الصندوق غيره.
أغرب ما ذهب إليه المعارض المخضرم: قوله إن الشعب "لا ناقة له ولا جمل" في مسألة العلم و النشيد، و هو مثل حسب جواهر الأدب يضرب لمن لا يعنيه الأمر، و من نفس الفن الأدبي (فن المثل) لكي يكون الجزاء من جنس العمل "سكت ألفا و نطقت خلفا" يا ولد داداه، هذا يعني أنك لا ترى للشعب حقا في تحديد ألوان علمه و كلمات نشيده، و لو كنت صاحب الأمر لما رجعت إليه، أية ديكتاتورية تلك؟ و أي فهم ذاك؟
رئيس التكتل الذي توجه إلى الشعب بالكلم يحقر الأمور المعنوية و الرموز و الدلالات، و يفهم كل شيء محسوسا و تحديدا ملموسا، و تلك حالة نقص حاد في القدرة على المحاكمة و الجدل و التصور، كيف يطمح شخص لقيادة أمة و يقف عاجزا أمام فهم دور الرموز و الكلمات و الانتصارات، و كل ما هو معنوي في ثنائي الانتماء و الولاء.
دعوة المواطن للثقة جاءت متأخرة و لم يحل الحول بعد لإعادتها، لأن الشعب الموريتاني وضع ثقته في رئيس انتخبه يوم لفظكم و رفض مشروعكم، و أنتم من يحاول عبثا سحب تلك الثقة من الرئيس، و كأنكم أوصياء على البلاد و ساكنتها، هيهات أن تأخذ بالتشويش ما لم تجد عليك به الصناديق.
لو كان المرشح السابق منصفا لأفرد طلعة إعلامية للحديث عما وصلنا إليه: من حرية تعبير، و تعدد المنابر، و يسر في مخاطبة المواطن، و إن كنا نتمنى على رأس الدولة ضبط كل تلك المنصات، حذر المتربصين. يعرف أحمد ولد داداه كيف كان فعل من بمعيته بأصحاب الرأي و السياسة، و هل كان بمقدورهم إبداء وجهات نظرهم دون المرور بعدها على سجون مظلمة أنستهم شمس التغيير البناء عتمتها. و لو كنت مكانك لأبهرني إنتاج السكر في موريتانيا التي فشلت سابقا في قولبته حتى.
خالد ولد الداه