نظرية الضرورة وشروط الاستفتاء الدستوري الناجح (تدوينة)

اثنين, 2016-11-14 09:04

تجد نظرية الضرورة أساسها في كتابات بعض فقهاء القانون الدستوري الألمان أمثال( هيجل و اهرنك وجيلينبنك) حيث يرون أن الدولة هي التي أوجدت القوانين لتحقيق المصلحة العامة وأنها يمكن أن لا تخضع للقوانين إذا كانت لاتحقق مصالحها.

 كما يذهبون أبعد من ذلك بالقول :"أحيانا على الحكومة أن تحل محل السلطة التشريعية لمواجهة الضرورة على مسؤولياتها ... فتسبغ التدابير المتخذة بصفة الشرعية" التي تزيل الإنتهاك الشكلي للقانون باعتبارها تعبير عن رضى المحكومين عن تصرفات الحاكم.

 وحكومتنا بصدد عرض مشروع التعديلات الدستورية على البرلمان في الشهر المقبل قبل تقديمها للاستفتاء، وذلك طبقا لما تمليه مقتضيات المادة 99 من الدستور، مما سينهي بلا شك الأسباب الداعية إلى الأخذ بنظرية الضرورة كما مر بنا ، آخذين في الاعتبار، أنه ليس كل حظر دستوري مطلق مرفوض، ولا كل حظر دستوري مطلق مقبول، معتمدين على مضمون التعديل وهدفه.

 بمعنى أن كل حظر هدفه الحفاظ على مبدإ الدستورية مطلوب إذا كان الشعب مصدر السلطات فيه وصاحب الإرادة في إقراره. وسواء إعتبرنا أن الأخذ بظرية الضرورة قانونيا(الفقه الألماني) أو سياسيا (الفقه الفرنسي) لغرض المصلحة العامة التي يعود أمر تقديرها إلى رئيس الجمهورية بإعتباره حامي الدستور وحامي حمى الدولة، فإنه لزاما أن يستفتى الشعب في كل تعديل بطريقة مباشرة (م 99و م 38) أو غير مباشرة (م 101)

 . فالأهمية التي تقرها الدساتير لإستفتاء الشعب مصدر السلطات لقول كلمته الأخيرة بشأن مشروع التعديلات المقترحة، تتطلب منا إنارة الرأي العام حول شروط قياس نجاح كل إستفتاء، حسب الدراسات السياسية المعاصرة بالمقارنة مع الرأي القائل بوجود شروط تأسيسية لوضع أي دستور تقوم على وجود مجتمع سياسي، وتحقيق الفصل بين السلطات، و إرساء حكم النظام الديمقراطي.

فشروط الاستفتاء هذه قابلة للقياس كميا وكيفيا فهي ليست نقاطا يتم الاستئناس بها فحسب، بل أصبح الإلتزام بها في كل عملية إستفتاء مؤشرات دالة على نجاحه في نظر المنظمات الدولية المراقبة للعملية برمتها و هذه الشروط هي :

توعية الشعب بأهمية المصلحة المقدم عليها عن طريق حملات تحسيسية عن قرب يشترك فيها جميع المواطنين؛ -نشر وثيقة مشروع التعديلات دون تغيير أو حذف عبر جميع وسائل النشر المتاحة ( الإعلام المسموع والمرئي والمكتوب مع تكثير مشروع التعديلات في كتيبات يمكن الحصول عليها بكل يسر)؛
-إعطاء المواطن الوقت الكافي للإطلاع علي مشروع التعديلات؛
-ضمان جو من الحرية والنزاهة. أي عدم الإكراه البدني أو المعنوي او الوظيفي او النفسي لتمكين كل مواطن من التصويت بكل حرية.