لحراطين و البيظان جدلية الوحدة و حتمية الإنفصال

أحد, 2014-09-28 14:44

"رؤية الحرطاني اليوم"

منذ أن أصدرت محكمة الجغرافيا و التاريخ أحكامها القاسية و الأبدية و التي لاتعقيب عليها أو إستئناف في حق لحراطين ، إنطلاقا من قانون الطبعة الظالم و الجائر الذي لايمنح الضعيف حق المرافعة و التعبير و الإختيار أو الإختلاف و التمايز و تحديد النوع و العرق و التسمية و مكان الحياة و زمان الممات ، منذ ذلك اليوم الذي لم نشهده و ذلك الحكم الذي لم تتح لنا فرصة التعقيب عليه أو على حيثياته أو حتى إختيار مفرداته وتسمياته و نصوصه المرجعية التي هي أساس الحكم لنا أو علينا و سر تسميتنا و الناظم للعلاقة بيننا و بين من يسوسنا و يحكمنامن البظان و المحدد لماضينا و حاضرنا و مستقبلنا نحن و شركائنا في الوطن ، الوطن الذي لم نستشر في إختياره و لا تسميته و لاطبعة حكمه و لاطريقة إدارة شعبه و ثرواته ولا حتى صناعة حاضره و مستقبله ، تماما كهويتنا و تاريخنا و أصولنا و تسمياتنا و عاداتنا و تقاليدنا و أحسابنا و أنسابنا الضائعة و المبعثرة بين نكران التاريخ المزييف و جقيقة الجغرافيا المرة و جحود وصلف و أنانية الشريك القوي الممسك بكل عوامل التحكم و الضبط (العلمية و الثقافية و الإجتماعية و السياسية و الإقتصادية و التاريخية و التوثيقية ) تساعده في ذلك مسلمات الطبيعة و سنن الحياة ، من يومها الغابر الغادر ونحن (حراطين و ... بيظان ) نرزح تحت وطأة إشكالية الوحدة العضوية و المجتمعية ... و حتمية الإنفصال التمايزي الوجودي المؤدي لتحقيق الذات و الخلاص من نير قرون من التسلط و الهيمنة و التبعية و الإستلاب و المسخ للهوية و التحكم في اللأعناق و الأرزاق ، وقد أذرفت في فك أسرار و أغوار هذه الجدلية و تلك المتلازمة أنهار من الحبر و أطنان من الورق كما أنها إستنزفت كثيرا ومن وقت و عمر المفكرين و السيايين و المؤرخين من نخب البظان و قادة مجتمع العبيد و لحراطين ، ولم تفت ذوي الألباب و الباحثين من العرب و العجم من الشرق و الغرب تعقيدات تلك العلاقة الحرام وتداعياتها المؤلمة و للا إنسانية و القائمة على الغبن و القسمة الضيزي و الإستعلاء و الإستكبار عند الغالب المسيطر البيظاني و الدونية و التبعية الفكرية و الثقافية و الإجتماعية عندالمغلوب المسيطر عليه من لحراطين ، وقد سلكت تلك العلاقة مسارات و منعرجات تباين و إختلفت حسب الزمان و السلطان و تطورت إيجابا و سلبا حسب تطور المجتمع و الدولة و المؤسسات الناظمة لهما و الحاضنة لعلاقتهما ، وقد أخذت تلك العلاقة أشكالا كانت في مجملها تأسس حتميا و تراكميا الى الطلاق المر و العسير الحلال البغيض الذي يصعب على طرفيه حراطين ____ وبيظان تقبله و التكيف معه بسهولة ودفع مؤخره الباهض الذي قد يتجاوز نصوص القوانين و مواد التجريم الدستورية و و كالات الدمج و محاربة الآثار المادية و النفسية ، فالعلاقة الحرام بين لحراطين و البظان المبنية على عقد باطل قوامه الرق و التبعية و التفقير و التجهيل ساهم القديم والجديد القريب و البعيد الحي و الميت في بناءها و تغذيتها و التستر عليها و تجديدها و إنكارها ، منذ البدايات الأولى لتأسيس الدولة و المجتمع من العهد الأميري العربي البربري الصونيكي التكروري الى فترة دولة المستعمر المتواطئة و الساكتة على الجرم العظيم في خيانة بينة لدستور و قوانين فرنسا حينها و يومنا هذا مرورا بالدولة الوطنية المدنية الأولى و العسكرية الثانية المستمرة ليومنا هذا ، كان من نتائجها و تداعياتها أن شرد الحراطين و إسعبدوا و إستنزفوا عضليا و ماديا و تحصيليا و قسموا بين قائل و مجموعات و إثنيات في البوادي و الأرياف و القري و المدن و الأقاليم ، وصنفوا في قعر سلم المجتمع القاهر مع البهائم في سلب و إعتداء آثم على كرامة الإنسان و آدمية البشر ، وغيبوا تحت و طأة الجهل و الفقر المدقعين و العلاقات التاريخية الغابنة و الظالمة بين مجتمع السادة و مجتمع العبيد عن التفكير و البحث عن الذات و الكرامة و العيش الكريم بشعارات خادعة و ماكرة و معسولة (بياض العين و سوادها إخوة و مراضيع ... عيش وملح ... عرب و مسلمون ... بيظان واحد )، وكل ذلك ماكان إلا مسكنات ومهدئات و إغراءات ظرفية سرعان ما يتضح للأرقاء و لحراطين أنها أوهام و ترميم لعلاقة ممنوعة لم تعد أواصرها قابلة للديمومة و الأستمرار ، ورغم أننا لانتجاهل أن الكل (حراطين و بيظان ) المتسيسين من الطرفين حاول دون جدوي إنقاذ تلك العلاقة من الإنهيار و المجتمع من السقوط و الطرفين من الطلاق المحتوم ، فتلك حركة الحر تدخل عقدها الرابع برسالتها العادلة الهادئة الجامعة المعتدلة القائمة على العدل و المساواة و تحرير الإنسان و هناك القوميين عربا و زنوجا ناصريين و بعثيين و تقدميين افارقة و عرب لطالما قدموا تضحيات تلو تضحيات ودعوات تتتلوها أخرى من أجل الحرية و المساواة و بناء دولة القانون و المؤسسات ، وهذه إيرا تدعوا و تطالب بالحرية و الإنعتاق و الكرامة و بناء الإنسان ، وتلك شخصيات ثقافية و سياسية و إجتماعية أدركت بحسها الفطري أن دوام الحال من المحال و أنه لامناص من الحق و الحقيقة و إنصاف الناس و رد المظالم و جبر الخواطر و توزيع العدالة و الثروة و الحكم بالقسط و العدل و المساواة ، لاكن الكل الذي يتمني لهذ الوطن الخير وجد نفسه أمام الصخرة الصماء و الدعوة الى الوحدة الظلماء و العمل بالقونين و السياسة و الإدارة العمياء التي لا تؤمن شرف و لاعدالة و لاإخاء ، وذلك هو العهد و العقد بيننا و بينهم ومن دونه يكون الطلاق و الإنفصال .

بقلم/الدكتور:السعد ولد الوليد