شهد الإعلام الموريتاني صيروريا العمومي منه و الخصوصي و الرقمي أو البديل جملة من التحديات و العوائق المتباينة و المشتركة في بعض الحالات.
1 ‐ الإعلام العمومي الرسمي : هو إعلام تشكل في مراحل نشأته المتباينة من ثلات ابعاد مسموع و مكتوب و مرئي تأثر لاحقا بإكراهات العولمة.
ظل الأكثر تنظيما بحكم ظروف الترسيم الجيدة و الدعم الهائل من الدولة فبالتالي هو حاضنة إعلامية وطنية واسعة تستوعب أكبر كم من إعلاميي البلد لكن ادواره ظلت خلال السنوات الأخيرة في تراجع و تقلص مستمر ، أقتصرت علي تغطية و مواكبة النشاط و الحراك الحكومي ليس إلا .
مقارنة بمستوي التعاطي إعلاميا قديما مع القضايا الوطنية و حجم الدور التوعوي و التثقيفي التاريخي الذي لعبته الإذاعة الوطنية و جريدة الشعب أثناء و بعيد قيام الدولة المركزية.
و ما تلي ذلك لاحقا من ظهور للإعلام المرئي في الثمانينات مع بداية بث تلفزيوني خجول لا يكاد يغطي أولي ساعات الليل عبر شاشة صغيرة تطورت تدريجيا و اتسعت دائرة البث لديها ليل نهار لتضم باقات تلفزيونية فرعية و مختصة موازية أخري .
تداعيات إعلامية شكلت في عمومها مرحلة عصر ذهبي رغم قلة الوسائل و ضعف الإمكانيات حينها .
أرتبط بها الموريتانيون أيما أرتباط .
لكن تراجع المحتوي الإعلامي المحلي بشقيه المرئي و المسموع و تلاشي المكتوب الورقي أيضا تسبب في عزوف المواطن عن المتابعة و المشاهدة محليا .
أمام إنفتاح واسع علي الإعلام الفضائي ( مرحلة هيمنة القنوات الفضائية ) التي ساهمت في استقطاب المشاهدين وأحدثت شبه قطيعة لهم مع وسائل الإعلام الوطنية .
كما كشفت حجم الإختلالات و النواقص الحاصلة داخل المنظومة الإعلامية المحلية مما شكل عائقا دون الوصول إلي إعلام مهني جاد و ناجع .
في حين قابله إرتباط و إهتمام كبيرين بإعلام رقمي بديل غزي البيوت و أستباح الأعراض في ظل تحول رقمي غير مسبوق شهده العالم .
2 - الإعلام المستقل أو الخصوصي : هو
الموازي للإعلام الرسمي شكل قفزة نوعية و انفتاحا ساهم في استقطاب المهتمين و المستثمرين الخصوصيين في قطاع الإعلام سرعان ما اصطدمت آمالهم و طموحاتهم بواقع مغاير في ظل تحديات جمة ليتأكد لديهم أنها بالفعل مهنة المتاعب.
رغم اتساع مساحته لم يتمكن من ملأ الفراغ و لا من صناعة الفارق بل دخل في سبات تراجعت من خلاله الصحافة المكتوبة الورقية و غابت عن الأنظار بالإضافة إلي فشل تجربة الإذاعات و التلفزيونات الخاصة و التي علي وشك الإفلاس أو الموت السريري نتيجة العجز المالي و تراكم الديون و حجم الأعباء .
3 - الإعلام الرقمي أو البديل : جاء كنتيجة حتمية للتحولات الرقمية التي شهدها العالم و ما أحدثته علوم التكنولوجيا من ثورة في مجال الإتصالات من خلال وسائط و منصات إخبارية رقمية و مواقع ألكترونية شقت طريقها داخل المشهد الإعلامي الوطني وفرضت نفسها كآلية جديدة لإعلام بديل أكثر تحرر و لها القدرة الفائقة في ايصال المعلومة و نشر الأخبار و خلق تعاط و تفاعل علي نطاق واسع دون رقابة او قيود حيث أضحت تؤدي دورا بارزا في بناء و تشكيل الوعي المجتمعي و صارت ركنا أساسيا للتواصل اليومي و إستقبال المعلومات و مستجدات الأخبار بالنسبة لكثير من الأشخاص و المجتمعات في العالم .
و وجهة و قبلة و وسيلة لنقل الأخبار و ملاذا آمنا للتواصل لسهولة
الإستخدام و الولوج إلي المعلومة بالصوت و الصورة في أي وقت و تحت أي ظرف كان .
بينما يظل بعضها في الوقت ذاته حامل و مروج لأحد مصادر التهديد للأمن الوطني للدول و المجتمعات و ملاذ آمن للتقول و التهويل وبئة حاضنة للعنف اللفظي و نشر الكراهية و التحريض .
في ضوء لجوء البعض لتوظيفها بشكل سئ في نشر الشائعات و الأخبار الكاذبة و المغرضة المغلوطة و المضللة .
و بما أن مساحة حرية الطرح في مواقع و منصات التواصل الإجتماعي واسعة و كبيرة جدا .
فإننا نري معظم صناع محتويات التفاهة يتصدرون المشهد الإعلامي من خلال صناعة محتوي أو منشور أو فبركة صور أو فيديوهات أو مقاطع صوتية بودكاست أو محتوي تيك توك .... الخ
في ظل ما يروجون له من تفاهات و سخافات و انحطاط أخلاقي لا حدود له
حيث أصبحت تلك التقنيات و الخدمات أداة لهدم الأخلاق و الثقافة المجتمعية و السلم الإجتماعي .
في حين شهد الإعلام الرقمي فوضي عارمة و خروجا عن المعايير المهنية المعهودة حيث يتيح لأي مستخدم إمكانية إنشاء منصة رقمية دون ان يكون علي إطلاع بمبادئ و أخلاقيات العمل الصحفي او لديه خبرة مهنية .
بالإضافة إلي أن معظم هذه المنصات و المواقع لا يمتلك أطقم فنية تحريرية يمكنها التعاطي إعلاميا وفق معايير الجودة والمصداقية .
في ظل غياب الإطار المنظم لها و انتظار إقرار قانون لتنظيم الإعلام الالكتروني و اسقاطه علي ارض الواقع بعد توافق الوسط الإعلامي علي بنوده .
بينما تم توسيع صلاحيات السلطة العليا للصحافة والسمعية البصرية ( الهابا ) علي نطاق واسع بغية تمكينها من تأطير و تطوير القطاع و النهوض به نحو غد أفضل من خلال إعداد و تقنين و تفعيل المساطير الضرورية لذلك و مواكبة مراحل عمليات الإصلاح التي تدخل ضمن جهود الهابا الحثيثة في هذا الشأن مما قد يؤسس لإعلام مهني متعدد يكرس حق المواطن في الولوج إلي خدماته و يضمن للصحفي كل الحقوق و الواجبات في إطار مساره المهني و الوقوف علي الخبر من مصادره.
في انتظار تصحيح الإختلالات الحاصلة و حلحلة المشاكل العالقة فإن أهم عوائق و تحديات الحقل الإعلامي التقليدي والحديث ضمن أمور أعاقت عملية النهوض بالقطاع هي : -
‐- غياب مفهوم صحيح لممارسة مهنة الصحافة .
-‐ عدم إحترام اخلاقيات المهنة.
‐ غياب قوانين تحكم و تضبط الممارسة المهنية علي مستوي الإعلام الرقمي.
-‐ غياب الدعم و ضعف الأجور..
-- العمل دون عقود تحمي عمال القطاع .
‐- ضعف و قلة الإقبال علي التكوين في ظل إنعدامه في الأصل في مجال الإعلام داخل البلاد قبل إعتماد فتح قسم للإعلام و الصحافة في السنوات الأخيرة علي مستوي المدرسة الوطنية للإدارة .
تأسيسا لما سبق يظل من الضروري إعتماد منظومة إعلامية متكاملة للربط و المواءمة بين الإعلام العمومي و الخاص و خلق بئة مواتية من أجل تطوير مفهوم الإعلام و تعزيز مفهوم الشفافية و التواصل مع المواطن .
بما يواكب التطور الحاصل في وسائل الإعلام و الإتصال
كتب : اباي ولد اداعة