لم أكن حينها أفهم و لا أستصيغ ما سر إهتمام و الدي رحمه الله بالعلم و التعلم وهو الأمي المنحدر من و سط ريفي و زراعي عميق موحل في الفقر و الجهل و ضنك العيش ،و لم أكن لأحتمل ذلك الضغط الشديد و المتابعة الصارمة منه لكل مايتعلق بيومياتي المدرسية و المحظرية ، و أثناء تلك المرحلة الصعبة و العسيرة من حياة المدرسة و للوح و الإعدادية و الثانوية و المحظرة ،و في الجانب الآخر من الضغط و التحصيل كانت الأمور تسير نحو اليسر و كنت أجتاز الفصول الدراسية و الأمتحانات التأهيلية الواحد تلو الآخر و السنة تبع الأخرى دون كبير عناء و متقدما على أقراني في الدراسة رغم أنني لم أكن من أكثرهم مواظبة و لامن أحسنهم سلوكا و إنضباطا ،و تمر السنين و أنا أطرح ذات السؤال إلى أين نحن سائرون يا أبتي منذ ذلك الفجر ؟ و لا إجابة
وجاء رمضان الأول وتجربة أخرى قاسية و مريرة مع الصبر و الطاعة في صيف مايو الملتهب في صحراء تيرس الحارقة و أنا المتمرد على المسطرة التعليمية الأبي و شيخي و معلمتي، كل شيئ عكس ما أريد و رغم أنفي و عنفوني و إرادتي و كأنما أريد لي أو هكذا تصورت يومها أن أكون و عاءا لكل شيئ فهمت أم لم أفهم أردت أم لم أرد، في ذلك الزمان كان للعلم والمعرفة مكان و كانت الأسر و الأمهات تفتخر بدراسة و تعليم أبنائها و ربما كان ذلك هو الدافع وراء إهتمام أبي بتعليمنا و حماسة سيدتي و أمي الحنون و تفانيها في تقديم العون و المساعدة وكل مامن شأنه مساعدتى على التحمل و الجلد لتحقيق الهدف المجهول لها و لأبي و لي ، لاكن ربما كان الشيخ و الأستاذ و حدهما يعلمان و لازلت أذكر تلك العبارة التي لاتفارق أحدهم و هو يضربني صغيرا و يزجرني كبيرا (ستكون حجرا أو تكون عالما) ، في العطلة كان كل شيئ كماهو المحظرة و البستان و الفلاحة الموسمية ... العمل و العلم االإعدادي و الثانوي و الطبري و أبن كثير و مياره و مضات من سحنون و هوامش أخرى و شروح إلى أن جاء المخلص أنه الباكلوريا و كم أحب الباكلوريا لالذاتها و لا لدرجتها العلمية و لاكن الأنها خلصتني من قبضة أبي و نظراته الحادةو الثاقبة و التي لابلسم لها سوى محيا ذلك الشيخ الوقور ،وحزمت أمتعتي و خرجت من سجن أبي و رحمة أمي و وقارشيخي و معلمتي و أستاذي الى فردوس الحرية و التاريخ و الحضارة و الإنسان و السياسة و الحب و الأصدقاء و السياحة و الجامعة و الدرا سة و التحصيل ، الأتذكر و ياليتني لم أتذكر ... تذكرت انني كنت أقرأ و أنني لم أقرأ و بدأت من جديد أكتب و أقرأ ، و هذه المرة من العراق من بلاد الرافدين منهل العلم و مهد الكتابة و مدرسة للغة و الخط و مسلة التاريخ و عنوان الحضارة ... و في ثانوية النضال في بغداد كنت على موعد آخر مع باكلوريا أخرى هذه المرة في الآداب العربية و بها حللت ضيفا معززا معلما حرا على سرح كلية الإدارة و الإقتصاد جامعة بغداد مسكونا بإدارة الأعمال و المصارف متفاعلا و مقتبسا من كوكبة من أعلام العراق و العرب في شتي علوم المعرفة ذات االصلة بالإختصاص، من إحصاء و محاسبة و إدارة أفراد و علم السلوك و منظمة و إقتصاد و إدارة و علم نفس تربوي و باراسيكولوجيا و نقد و صيرفة مركزية و تجارية و محاسبة متخصصة و فلسفة إدارة و تاريخ إقتصاد و إدارة عامة و إقليمية ، و الأسباب لازلت أجهل جلها لم أكن أريد لتلك الأيام و الأشهرو السنوات البغدادية الخامعية أن تنقضي ربما الأنني وجدت نفسي و عزوتي بين ذالك الشعب الأصيل الذي أحاطني بكل صنوف الرعاية و الحماية و التعليم و أنتشلني من براثين التخلف و الجهل و الكسل و أحسست معه و بين ظهرانه كيف يكون الإنسان إنسانا و تذكرت يومها من بين ماتذكرت و ما قرأة في و طني ذلك البيت الشعري لذلك المعلم و هو يشد أذني الطرية ..ملئ السنابل تنحني بتواضع .... و الفارغات رؤسهن شوامخوا ........ يتواصل