صرَّح الناطق الإعلامي باسم القيادي في حركة "إيرا" المعتقل الدكتور السعد ولد لوليد، بأنَّ اعتقال ولد لوليد يمثل امتدادًا للاعتقالات العنصرية التي ينفذها نظام الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز تجاه دعاة الحرية والمساواة، ودعاة القضاء على العبودية بصنفيها التقليدي والمعاصر.
وأكد إبراهيم ولد خطري في مقابلة مع "العرب اليوم"، أنَّ السجناء يعيشون في وضعية مزرية؛ لأنهم ممنوعون من الزيارة، وتتم مضايقتهم أمنيًا، في ظروف غير إنسانية، مشيرًا إلى أنَّ حركة "إيرا" نظمت وقفة بالتزامن مع محاكمة ناشطيها.
وأضاف "إنَّ الجماهير التي حضرت بشكل كبير تعبر عن تضامنها ومساندتها ورفضها للظلم والتهميش والغبن والعبودية، والتمييز العنصري الممارس في ظل النظام القمعي الحاكم في موريتانيا".
وأشار ولد خطري إلى أنَّ المحاكمة لا زالت جارية، في الوقت الذي ترسل فيه الجماهير رسائل واضحة من خلال المواصلة بتنظيم الوقفات الاحتجاجية التي تتميز بحضور الجزارة، وباعة الخضر، والحمالة، وكل الممارسين للأعمال الدنيا التي يمارسها "لحراطين" في المجتمع الموريتاني الذين يأتون للتعبير عن تضامنهم ووقوفهم مع المعتقلين.
وتابع "إنَّ المحاكمة حضرها ممثلون من مختلف التشكيلات الحقوقية والسياسية في البلد، وهذا دليل على عدالة قضية الحراطين"، موضحًا أنَّ السجون والتعتيم لن يثني "الحراطين" عن المطالبة بحقوقهم، مؤكدًا أنَّ الحقوق تؤخذ ولا تعطى، والنضال مستمر والقافلة تسير".
واستطرد "هذه مرحلة من مراحل النضال القوي يمر فيها نضال الحراطين، وهو ما تجسده الحركة التحررية، وقد مثلت مرافعات الدكتور السعد خلال المحاكمة التي تحدث فيها عن حقيقة الظلم والتهميش الذي مورس على الحراطين عبر التاريخ، ولا زال يمارس بشتى أنواعه وهو مرفوض، كما نرفض التضييق على الحريات العامة، والمستضعفين والفئات الهشة، ونحن نعبر عن رفضنا بالطرق السلمية، وإن اقتضت الضرورة تبقى كل الأساليب مفتوحة".
واستأنف ولد خطري، "إنَّ التهم الموجهة إلى نشطاء الحركة تهم سياسية بامتياز، فقد وجهت النيابة تهمًا تتعلق بالتجمهر غير المرخص، ومحاولة زعزعة الأمن، وهذا كله من الناحية القانونية يتطلب أدلة مادية، فتوجيه مثل هذه التهم إلى من لم يكسر سيارة لأحد ولم يضرب شخصًا، دليل على أنها تهم واهية".
واستدرك "هذه عنصرية واضحة عندما تمنع مسيرة للحراطين من وقفة أمام السجن المدني، وتتيح السلطة الفرصة لكل المكونات الأخرى التظاهر أمام القصر الرئاسي للمطالبة بحقوقهم، وهو ما يمثل سياسة مكشوفة ومرفوضة، ويتطلب من المواطنين الشرفاء وجميع القوى الحية في البلد التصدي له؛ لأنها ظاهرة خطيرة تميز بها النظام الحالي المنقلب على الشرعية".
وأكد إبراهيم ولد خطري، أنَّ السجون لن تزيد الحراطين إلا عزيمة وإصرارًا على النضال، موضحًا أنَّ حل مشكلة العبودية في موريتانيا يكمن في الاعتراف بالعبودية، وبالمعاناة التاريخية للحراطين التي تتمثل في الإقصاء والتهميش في جميع مفاصل الدولة، الوزراء، والمدراء، ووكلاء الدولة، والقضاة، وجميع مناحي الحياة تسيطر فئة واحدة".
ودعا إلى حوار اجتماعي جاد يناقش القضايا الاجتماعية وبطبيعة الحال قضية العبودية، والمشاركة السياسية للحراطين، والتمييز الإيجابي، والتوزيع العادل للثروة، وإشراك المواطنين في خيرات البلد التي تنهب من قبل الجنرالات وزمرة قليلة جدا هي من تستأثر بخيرات البلد وممتلكاته.
وأوضح "عندما يطالب السواد الأعظم من المستضعفين برفض العبودية ترفع في وجهه يافطة تهديد الأمن القومي وتهديد الوحدة الوطنية، مشيرًا إلى أنَّ ما يهدد الأمن القومي والوحدة الوطنية هو الظلم، والتهميش، والإقصاء، والعبودية، ومضايقة العمال
وأبرز ولد خطري، أنَّ الجنرال محمد ولد عبد العزيز والنظام "البيظاني" الحاكم هو من يجب عليه العمل على إيجاد حوار اجتماعي جاد، كما عليه أن يفهم أن قضية الحراطين لم يعد بالإمكان إيقافها، لأنّ أجيالًا شابة ومن مختلف الأعمار والمستويات الثقافية والعلمية، والتي تضم تلاميذ الثانويات وطلاب الجامعة، والأساتذة، والأطباء، والجزارة، والحمالة أرسلوا رسالة واضحة عن صمود "لحراطين"، ورفضهم للغبن والظلم.
كما شدَّد على أنَّه يجب الاعتراف بهم كمكونة مستقلة عن البيظان والزنوج، وهو ما يفرض على الجميع الاعتراف بهذا المشكل الذي يجب حله بالحوار الجاد مع المعنيين، وبمشاركة المثقفين وأصحاب الرأي، ولا شك أنَّ الجميع يجب عليه الاعتراف بمشكل العبودية التي مورست عبر التاريخ ولا زالت تمارس، إضافة إلى مشاكل الحراطين، لأن شباب الحراطين الحاصلين على شهادات جامعية والمتعلمين محاصرون، ومهمشون.
وبيَّن أنَّ حل القضية يفرض تمييزًا إيجابيًا لصالح هؤلاء ولمختلف مكونات الحراطين الذين يمثلون غالبية في موريتانيا وباتت اليوم ترفض التهميش والغبن والإقصاء، وهي مستعدة للسجن مائة عام من أجل الحصول على حقوقها، لأنها لا تقبل أن تورث لأبنائها الاضطهاد والتهميش والغبن.
وناشد ولد خطري، الصحافة الوطنية والدولية بإيصال مطالب الحراطين وتسليط الضوء على مشكلهم حتى يصل الرأي العام، وأوضح أنَّ احتجاجاتهم تمتاز بكونها تعبر بأساليب حضارية وسلمية.
وأضاف "إنَّ عمل الحكومة في محاربة العبودية يمتاز بالتخبط وهو غير جدي لأن لا تعترف بالعبودية، وفي الوقت ذاته تسن قانون لمحاربة العبودية، تدعوا إلى مقارعة العنصرية وهي تمارسها، منوهًا إلى أنَّ الوكالة التي أنشأت السلطة لم يستفد منها إلا ملاك العبيد، أما العبيد فلم يستفيدوا منها، حيث لم تسعى إلى محل مشاكل الصحة والتعليم في التجمعات السكنية الخاصة بالحراطين.
نواكشوط - أحمد سالم سيدي عبد الله