الحب رسول ملائكي ما له من يوم فيه يعود كل أيامه عيد وكثيرا يقدح فيه الخطباء ويهتك حرمه الخلطاء من الناس إذا ما اجمعوا أن للحب عيد أو يوم فيه يعو فقد يجرم الناس ويذنبون إذ ما جزموا أن لك يوما فيه تعود فقد سبوا الدهر وقذفوا الزمكان و بهتوا الحاضر وعيروا المستقبل إن افتروا أن لك يوم فيه تعود والحقوا اللعنة بالمحبين إذ رموك بان تغيب حتى تعود فالحذر ، الحذر من إقحام الحب في مزابل العابثين ، فأنت ملاك أيها الحب ذو الطود الأشم فالعبث بمقدساتك ردة فقد كذب الأعجم والأعراب والعرب آن أقاموا لك مراسيم عيد ومن الغريب أن كلمة " عيد" ذنب المتشائمين ونبراس المتفائلين وأنت بريء أيها الحب النبيل فقد اخطؤ الخطيئة الكبرى إن احتفلوا بولادتك أو احتفوا بموتك أيها الأبي الشهيم فقد لعنوك ووصفوك بالحظ العاثر وتارة فعل القدر والمقدور وتارات حظوظ المستقبل فهذا سرطان وعقرب وميزان وأسد وحمل أوصاف لا تليق بك أيها الزير الوسيم.
قداسة إجلال وتقدير أيها المحبوب القريب والعميق البعيد فأنت سابق علي الإنسانية جمعا لانك مخلوق غريب التطور والاحتفال بمولدك يعني انك غريب عهد و وأدًا لك قبل أن تعود وظلم لك إن كانوا قتلوك فاحتفلوا بك فاليخسئ المتشائمين فأنت هاجس نفساني وملاك روحاني لا يموت ولا يفني صحو نياف في قلوب المتحابين فقد كتب لك الجلود في الأزل والوجود فيك فترات سبات وأنت في المهد رضيع عندما كنت في الأحشاء سقيم تربيت في حواسنا وأنت وليد ما لك من عيد وصفك حدس وتصورك وهم فأنت اقوي من الذات واضعف من خلجات النفوس ودك الأمانة ودفؤك الوفاء فأنت سندباد الإخلاص وهلاكك الغدر والخيانة فأنت قوي تحطم الجبال إن زرعت في نفوس النبلاء وضعيف تقيدك الأوهام إن كنت في نفوس الأوغاد ومزابل النذلاء ، الحب رسول يخترق اقوي الأجسام وتمسكه خيوط العناكب مجراه دم ولحمه وشحمه ابتسامة كل أيامه عيد يعيدها بنفس كل لحظة في قلوب عشاقه ورواد فضائله انه عيد بلا عيد فأنت المخلوق العجيب الذي يتنفس برئتين يقهر الإرادة ويحطم قيود روابط الفوارق الاجتماعية بنفسيته الذرية يصنع ولا يصنع عدو للمتطفلين ملاك للعارفين بقدوسيته يعجز الواصفين عن وصفه فهل يعرف الأنذال من هو الحب؟ الحب شعورنا الذي لا سماء تظله ولا ارض تحويه اسمي من الخلق واجل من النفس وارفع من العلم وأقدس من النسب مخلوق عجيب حبيب كريم ما له من صفة أو اسم أو ذات فضائه قلوب العاشقين أرضه أحشاء المتحابين وميط آن ناري في قلوب المتخاذلين .
إذًا فمن تكون أيها الغريب الوسيم؟ فانا لست إلا أنا ولن تعرف عني إلا أنني أنا الكائن الغريب اللطيف متجسد في كل عضو من أعضاء المتحابين وليس لي يوم فيه أعود أتهاوي أمام الفطرة وأذوب في الغريزة واصمد أمام العجرفة فانا المولود الذي ليس له عيد وحتى ليس لدي يوم فيه أعود فانا كالبحر الذي لا ساحل عنده وأقاتل بلا سيوف وانتصر بلا رؤؤس أعيد نفسي ألاف الألوف من المرات في قلوب العشاق قبل أن يرتد اليك طرف عينيك في كل عضو وان كشفت عن ساقها وان أدارت جفنيها أو أي عضو من جسمانها فانا أنا الباهت والساحر والخافت والكاهن والعازب والصادق والكاذب فأنا أنا أذبل واضمحل واتلاشي وانعدم لكني أظل أنا أنا رسول ملائكي حبيب النفوس وشيطان اخرس في نفوس أخري وعدو حميم وصديق لدود ذو شعور هياج ليس له زمكان ادخل القلوب بلا استئذان واخرج بلا إشعار أو وداع أغلال الصدق وقاتلي الكذب أتعالي عن النواقص واركع أمام الفضيلة إن رعيتني ترعرعت في حوشي ولا تشبع من حضني فانا أنا مأدبة عشق للفتيان ومنتجع للشباب وحضانة للمشيب وإذا ما كذبتني أغار وأطير عنك وأغدرك واستعلي عنك .
أيها الحبيب المحبوب فقد اجمع القائلون بان لك يوما فيه تعود؟ لا ، لا ، لا فمالي من يوم فيه أعود أنا الذي تجهله فانا المخلوق الغريب الذي لا تدركه الأبصار أنا النجم الأصم الذي لا يصفه الواصفون فانا أنت وأنت أنا أتدري أنني الدر الذي ترافقه الرحمة وتحفه الملائكة ولا يشقي مريدي إن كان صادقا عفيفا فانا المنزلة بين الذات والنفس لا يقدرني إلا عاقل ولا يحترمني إلا متعلم ولا يدنسني إلا نذيل ولا يتطاول علي إلا رذيل وأن من عشاق الأشراف ومنهم الأنجاس المناكد فلن تري نفسي إلا فيك ولن تري نفسك إلا في فكلانا مرآة للآخر يا منبع العشق وسليل الحب.
فواه وآه فقد قتلوني إن جعلوا لي يوما في أعود وسموه " عيد الحب" فانا أنا اسمي وارفع من المكان وأقدم خلقا من الزمان فما يحتفل به الناس اليوم ليس عيدي فعسي أن يكون ظلال الحب وليس الحب في جوهره فبأمجاد تغني الجاهلون وعلي أوتاري عزف المحدثون فانا معجزة الزمان ورائد المكان اشرف من الإنسانية خلقًا وخليقة دون الملاك في الصفة والإحساس فانا أنا شامخ كالطود الأشم فقد كذب الكل وان اجمعوا علي أنني عندي يوم فيه أعود أو أن لي "عيد" .
محمد ورزك محمود الرازكه