لن آتي بجديد في الموضوع رغم تراكم الأحداث وتزايد رصيدنا من النكبات والحرمان في ظل الدولة الموريتانية الحديثة. إن خطر التحديات التي تواجهنا كموريتانيين نحن السبب فيها أو بعضنا ولم تكن يوما من غيرنا رغم تعايش الموريتانيون عقودا كثيرة قبل وبعد الاستقلال وخلال هذه الفترات المختلفة لم يحدث أي انسجام حقيقي بين مكونات المجتمع بسبب إيديولوجية رجعية مارسها ألئك الأشخاص المتنفذون في البلد وموارده.
ما أدي إلي إحساس مجموعات موريتانية بالظلم والجرمان في وطنها لاعتبارات عنصرية لم تعد مستعدة لقبولها علي أي أساس؛ لا يمكننا إلقاء المسوولية علي الخارج في تنامي وتزايد المطالبين بالحقوق لأننا نحن المذنبين والمشكلة هي من داخلنا ولست من خارجنا مع عدم براءة الخارج.
علينا كموريتانيين أن ننظر في أنفسنا ونتبصر إذ لم ننتصر في الجهاد الأصغر حتى الآن ولم نقدر علي إثبات وجود دولة موريتانية قوية يشعر كافة أبنائها بالانتماء؛ وتخاذلنا في الجهاد الأكبر المتمثل في الوحدة والتوحد علي أسس وطنية وتدافعنا المسوولية في تشرذم المجتمع.
مرتنة السلوك والقيم ليست خيارا بل هي قدر لا بديل لنا عنه مع وجود فوارق كثيرة وامتيازات كبيرة والتي يحصل عليها البعض دون الكل علي أسس غير منصفة لا يمكن القبول بها.
لقد تظاهرنا بالوحدة والتوحد مرات ومرات كثيرة؛ لكن هذه المحاولات باءت كلها بالفشل وزادت من اتساع الهوة بين كافة أفراد المجتمع أكثر من السابق؛ بسبب الإبقاء علي الظلم الذي كرسه المشرع الموريتاني بتبني أراء فقهية لا علاقة البتة لها بالمجتمع الموريتاني ولا تنطبق عليه؛ قسمت المجتمع إلي طبقات تراتبية لم تراعي المصلحة ولم تحكم بالعقل والمنطق ولم تستطع مواجهة الواقع كحقيقة تجب معالجتها في إطار توافقي يجنب الوطن مطبات هو في غني عنها.
إن مطالبتنا بالوحدة الوطنية تكون مستحيلة مادمنا نكلها علي الرعاة "إذ اختصموا على القطعان" لابد أن نسلك نحن الموريتانيون طريقا أمنا لتوصل إلي وحدة وطنية عبر المكاشفة أولا مادام القرار بأيدينا وليس بأيدي غيرنا.
تهديد الوحدة الوطنية ليس افتراضي فالحروب الأهلية مزقت أكثر من بلد كالعراق وليبيا وسوريا.. الوحدة الوطنية أصبحت ضرورية ويشدنا إليها الحفاظ علي ما تبقي من موريتانيا كوطن قومي لكافة أبنائه دون تمييز ولا فوارق.
علينا استعادة وحدتنا التي فقدناها لأسباب طائفية عشعشت في مخلية حكام هذا الوطن والذين هم السبب المباشر في ما نعيشه من تدهور في أغلب مجالات الحياة.
الحسين ولد أعل أبيليل