وفجأة دخلت على القاضي،وكانت له سابق معرفة و علم بنا، لاكن عاديات الزمن و سطوة السجان و قساوة السجن ، قد فعلت فينا الافاعيل و كانت لنا حافزا على تحطيم التابوهات و المحاذير ، فكانت الهيئة و المظهر رسالة ل "أجمبير "، لاكن القاضي كان أول المستوعبين و الناطقين ، و ان كان آخرون في القاعة يرقبون و يعبرون و يحللون و لاكن لاينطقون ، فقال سعد أيها العبد إفتني في القميص اللازرق والسروال الاسود و عمامة بيضاء يلفها سواد ، سؤال كرره آخرون منهم من كان حاضرا و آخرون كانوا يسترقون السمع من وراء ستار ، لم تتأخر الاجابة ... سيدي القاضي ربما الزمان غير الزما و الصفة و الانسن ليس بالمكان ، سيدي القاضي ... أنا قادم من زمن ليس بزمننا و مكان ليس بمكاننا و حالة ، سيدي الرئيس جئت من أعماق ماض إستعبادي سحيق أحمل همي على كتفي ، معاناة و قهر و إغتصاب أهلي ، من البدايات الاولى لحكم الجغرافيا و ظلم التاريخ ، حين إستبد القوي بالضعيف و إستحوث على ماضيه ثقافة و حضارة و تعميرا و سلبه و على حاضره علما و ثروة و سلطة و همشه، و على مستقبله جهلا و تخلفا و حرمانا وكبله .. وقال نحن سيان ... كعما متي أيها القاضي ، لاكن القميص سيدي القاضي يابى الا ان يقول ان للصورة و جه آخر غائب و مغيب و أليم ، يسرد من ضمن ما يحكي مأساة أقوام زرق مسالمون عمروا الارض و أثار الحرث و غرسوا النخل و لم نسمع عن تاريخهم و أمجادهم إلا النزر القليل الممسوخ و المشوه و الممجوج ... فحملت رسالتهم إليك و لمن يةمس على خجل و يسترق السمع و هو شهيد ، وأما السروال فذالك ماورثت عن أبي الذي حدثني أنه ورثه عن جدي الذي حدثه أنه ورثه عن جده الذي كان يسترول به حينما كان يخدم أسياده زراعة و سقاية ، بسم الله و باسم الدين كما أوهموه و صوروا له وكان المسكين يتفانى في ويستسلم لذالك الامتهان و الاذلال مظنة منه أنه كان يطيع الله و أن أسياده هم ظل الله في الارض قبل أن يكتشف الصراط و طريق الحق الموصل الى الله ، ولكونه جميعا كانوا يعلمون بأن هذ اليوم آزف لا محالة فقد حملني كل منهم رسالته و تظلماته و تطلعاته اليك و الى من في القاعة ، و خلاصة الامانة التي إتمنوني عليها أن الحق و العدل و الحرية و الانعتاق ...أمور لامناص منها و لو بعد حين