تعكف الحكومة الآن على تعيين أعضاء ورئيس الآلية الوطنية لوقاية من التعذيب في ظل سباق محموم نحو العضوية لهذه الهيئة ورئاستها. وتميز هذا السباق حتى الآن بمشاركة كل من هب ودب خاصة ممن لا تجربة لهم ولا معرفة لهذه الآلية وطرق عملها. وهذا الأسلوب شاع في السنوات الأخيرة مفقدا الكثير من المؤسسات لقيمتها إذ قد يكون عضوا فيها أو حتى رئيسا من لا تتوفر فيه الشروط إذ يكفي أن يكون في الغالب منفذا مطيعا لأطراف في السلطة، سوف تقدمه على أنه الزعيم المنشود الذي سينقذ المؤسسة ويضمن النجاة من غضب الشركاء الدوليين.
ولا تخرج الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب من هذا الاستثناء حيث بلغ عدد المترشحين ما يزيد على المائة في حين أن أعضاءها 12 عضوا.
وكانت هذه الهيئة قد أنشئت بموجب القانون رقم 034-2015 بتاريخ 10 سبتمبر 2015 ، ذلك تمشيا مع مقتضيات البروتوكول الاختياري المتعلق بالوقاية من التعذيب والذي صادقت عليه بلادنا عام 2012.
وبعيدا عن المواقف الشخصية وبقدر من الموضوعية نورد هنا أهم المترشحين لرئاسة هذه الهيئة:
1- الدكتور محمد الأمين ولد حلس: هو الرئيس المنتهية مأموريته ويبقي أهم مرشح لخلافة نفسه، معتمدا على العلاقات التي تحصل عليها خلال مأموريته، وأنه هو من أشرف على إنشائها وترأس أنشطتها. لكن تقف في وجه ولد الحلس مصاعب جمة يصعب عليه تجاوزها، وهي فشله في تسيير الهيئة وسوء العلاقة بين الأعضاء وهو ما نتج عنه تعطيل شبه كامل لهذه الهيئة خلال السنتين الأخيرتين . وإذا قيم بتقويم موضوعي لفترته فلن يتم تعيينه من جديد.
2- حمود ولد النباقة: عضو سابق في اللجنة الوطنية لحقوق الانسان، ويرأس جمعية اشتهرت بالعناية بالمهاجرين، طموح ويتميز بقدر من الجرأة، لكن لا يعرف إلى أي مدى يمكن أن يخدم تعيينه هذه الهيئة، خاصة أنه يفتقر إلى علاقات دولية كبيرة قد تخدم المؤسسة.
3- زينب بنت الطالب موسي: ناشطة جمعوية معروفة ولها إسهامها في المجال الجمعوي، وهي عضو في المأمورية المنصرمة، لها علاقات واسعة في جمعيات الصحة والمرأة والطفل، واشتهرت في السنوات الأخيرة بمؤازرتها لضحايا الاغتصاب. تترشح لرئاسة هذه الآلية دون أن يكون رصيدها الأكاديمي في خدمتها.
4- الدكتور الحسن ولد امبارك: أستاذ سابق للحضارة والتاريخ (لغة انكليزية) ، في كلية الآداب والعلوم الإنسانية، ومستشار مكلف بالتعاون الدولي حاليا في اللجنة الوطنية لحقوق الانسان يترشح هذا الأستاذ لرئاسة الآلية مع رصيد كبير من العلاقات على المستويين الدولي والقاري. فالإضافة إلى توليه الإشراف على العلاقات الخارجية اللجنة الوطنية لحقوق الانسان، بما فيها تلك المكلفة بمحاربة التعذيب، يعتبر هذا الأستاذ خبيرا إفريقيا معتمدا حتى العام 2021، مكلفا بملفات ترتبط بحقوق المرأة والشئون الاجتماعية والصحة والمهاجرين. وهو مكلف الآن ضمن فريق أفريقي بإعداد تصور عن المخلفات الاجتماعية لجائحة كورونا. ويعتبر ترشيحه لهذه الهيئة موضوعيا لمعرفة بخلفيات الملف.
مهما يكن من أمر فإنه آن الأوان أن نقبل بالرجل المناسب في المكان المناسب ونتجاوز بنيات الطريق، وذلك خدمة للمصلحة العليا للبلد.
وتبقي صحيفة الشرق اليوم مفتوحة أمام كل من يريد إعطاء معلومات أو توضيحات عن نفسه وعن هذه الآلية.