كنت قد وعدتكم بسرد بعض القصص عن بذل وانفاق الرئيس السابق المرحوم بإذن الله "آمادو با امباري" وحبه لفعل الخير..ولا شك أنكم كنتم تنتظرون أن تكون البداية من بلد آخر غير موريتانيا، وهو ما يفهم من حديثي عن المرحوم؛ لكني قررت أن أبدأ من أرض الوطن، أولا، لأحكي لكم كيف يعتقد المرحوم أنه وصل للسلطة في بلده..
سأحدثكم عن تلك الدعوة الغريبة التي فٌتحت لها أبواب السماء فكان لها _على شبه استحالتها_ أن صارت بحول الله وقوته..!
روالي أخي وصديقي الوفي والذي لا أعرف منه غير الصدق والكرم، الأخ الطيب ولد سيدي، المدير العام المساعد للوظيفة العمومية حاليا، والموظف السابق بوزارة الصيد، أنه كان ذات مرة رفقة الرئيس "با امباري"، في زيارة لبعض المصالح التابعة لقطاعه وهو بعد أي "امباري" لا يزال وزيرا للصيد، أما الأخ الطيب أدام الله في عمره، فيعمل موظفا بالشركة الموريتانية لتسويق الأسماك (S M C P)، وكان الوزير يعقد اجتماعا بموظفي الشركة ساعات قليلة قبل ذهابه في سفر خارج أرض الوطن، كان قد اتم الإعداد له، و طلب من محاسب معه أن يحضر له مبلغ مليون وخمس مائة ألف أوقية (1500000) هي مخصص نفقاته في ذلك السفر، يقول الأخ الطيب: لم يمض وقت طويل حتى نزلنا رفقة الوزير لوداعه، وعند بوابة المؤسسة استوقفتنا سيدة بيضاء اللون، يبدو من حالها أنها كانت في عز، لكن صروف الدهر فعلت بها فعلتها، وكان في معيتها ثلاثة أطفال، انهكهم الجوع والإعياء، وكانت لدى السيدة مظلمة تريد أن ترفعها للوزير (الرئيس )، حيث كان زوجها عاملا في الشركة، وطبعا توفي قبل أن يتولى الوزير منصبه، لكن المسؤولين في المؤسسة آن ذاك لم يصرفوا لها حقوق زوجها، فظلت تتقاسم التعاسة بصمت مع أبنائها وتصل الأيام ببعضها مرابطة أمام مقر الشركة علّ أحدا يرق لحالها أو يصغي لأمرها إلى أن جاءت هذه اللحظة التي امسكت فيها أطراف ثياب الوزير فحكت له قصتها كاملة..!
كان المشهد غاية في "ادراماتيكية" والتأثير يقول محدثي.. " با أمباري" الوزير المعين حديثا كان يصغي بأدب ووقار لقصة السيدة ولم يزد على أن التفت إلى أحد مرافقه وطلب منه إحضار المبلغ المخصص لنفقاته وسلمه للمرأة دون النظر فيه حتى..!
ثم التفت إلى أحد أعوانه في الجهة الأخرى وأمره بتسوية مسألة المرأة قبل عودته..فما كان من السيدة إلا أن رفعت يدها للسماء وقالت بحسانية واضحة لكنها خليط من فرح وحزن (الله ايشوفني لك رئيس موريتاني)..!
تمضي السنين والأيام ويصبح المرحوم رئيسا ويأخذ أول قرار له بتكليف أحد أعوانه بالبحث عن تلك السيدة واحضارها له في القصر..وهو يبكي ويردد والله لقد أحسست يومها صدق حديثها وعرفت أن الله سمع دعوتها، لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم!
انتظروني في قصص أخرى عن الرئيس الراحل با أمباري رحمه الله بواسع رحمته.
من صفحة محمد فال حرمة