لاله المد
على هضبة تكانت بدأ المشوار ومنها حلق فنه كالطيف ليكون بلسما جعل من قساوة الصحراء رياض أنغام تلامس الوجدان
رحل سيداتي ولد ألفه ولد آبه لكن تاريخه الذي شكل تراثا عبقا توارثته الأجيال، سيظل مشعلا يضيئ سماء الفن الموريتاني
لم يكن سيداتي ولد آبه فنانا موريتانيا بالمعنى السطحي للوصف حيث أراده التاريخ جزءا منه، لتكون رفيقة دربه التدينيت هي أول موثق لأول نشيد وطني لموريتانيا.
كان اختيار سيداتي آن ذاك لتلحين النشيد نابعا من عدل أريد به توثيق حق ، ففي ذروة تميزه كفنان مبدع كانت الدولة الموريتانية تجهز للتأسيس ، فوقع الإختيار على ولد آبه لتوثيق خطوة التأسيس الأولى.
لم يكن تلحين النشيد الوطني هو الحضور البارز الوحيد لسيداتي في تدرجات تاريخ الدولة الموريتانية ، بل كان فن الرجل موثقا لحدث تاريخي آخر .
عام 1973 قررت موريتانيا الاستقلال عن منطقة لفرنك الإفريقي وإصدار عملتها الخاصة ( الأوقية ) فكان صوت سيداتي هو إعلان الحدث.
تواصلت بعد ذلك حلقات مسلسل العطاء الزاخر للفن الموريتاني، ولم يدخر ولد آب جهدا في جعل القصة خيالية الواقع ، حيث برز في المجال الثقافي، وشكل ذاكرة تراثية حافظت للأجيال على مراحل تأسيس الدولة عبر الموسيقى والألحان والكلمات.
أنجب سيداتي من رحم الفن الموريتاني، حين انحدر من أسرة فنية عريقة، وأنجب سيداتي الفن أيضا، حين برزت أيقونته المرحومة “ديمي” كرافد ينطلق من نهر.
بكت موريتانيا سيداتي أمس، وبكى الفن فقيده، حين أعلن عن رحيله في العاصمة نواكشوط، ليغيب الموت وجها ألفته الساحة الفنية والثقافية للبلد، وذاكرة وثقت حتى رمقها الأخير محطات لا تنسى من تاريخ موريتانيا.