لم افهم جيدا مسوغات الحملات التي اعلنها النظام ضد ما أسماه " خطاب الكراهية "! فعلا صدرت بعض السمعيات الشاذة و حملت خطابا سوقيا لا يمثل احدا و لا احسبها - في معظمها - بريئة لسرعة انتشارها .. فقد ارسلها لي عشرات " الاصدقاء" و احيانا بصفة متكررة .. و لم ارسلها لأي أحد بل لم اكمل الاستماع اليها، لأنها فعلا مقززة !
هنا يتجلى دور مخابرات الدولة - ان لم تكن هي المصدر - في ان تبحث عن هؤلاء الأشخاص و تقدمهم للعدالة و يخضعون لمحاكمة علنية تجعل منهم عبرة لمن يعتبر . و عندها يكون " خطاب الكراهية " محصور و محدود في زاوية ضيقة ! وان لا تطلق الاتهامات جزافا و يختلط اصحاب القضايا العادلة مع المهرجين و الممثلين ! لكن في المقابل يجب على السلطة التنفيذية ان تدقق في أسباب مثل هذه الخطابات ، و ان كان أصحابها هم كما وصفناهم ، الا ان مجنون الحي يقول بصوت عال ما يقوله العقلاء بصوت خافت ! فيجب قطع الطريق على أصحاب هذه الصوتيات بإصلاح الخلل بدل القفز على النتيجة و تجاهل السبب ( الطلي اعل ازغب)
لا يمكننا تقبل اي فعل او قول من شأنه إثارة النعرات و تأجيج الضغائن و شد الحبل بين مكونات الشعب! لان الحفاظ على اللحمة أولى من فرض الحلول ..
و لكنه ليس من الانصاف و لا من اللباقة وشم تصريحات المناضلين من اصحاب القضايا العادلة بخطاب الكراهية ! و هل ان شيطنة هذا الرفض و هذه المطالبات الملحة يمثل فعلا حلا او تجاوزا لأسبابها .. ؟لا !
فماذا وراء الأكمة ؟
اننا ندد بكل خطاب يدعو الى العنف الجسدي او اللفظي و ندعوا الى رص الصفوف و التصدي لكل أسباب المروق على القوانين .. !
و لكننا في المقابل نود التنبيه الى ان المسيرات و القوانين مهما تكن لن تثنينا عن المطالبة بالإنصاف و العدل بين المواطنين ..!
ارفع هنا قبعتي للعديد من المدونين و اصحاب الرأي من كل مكونات الشعب الذين وصلوا مستوى عال من وضوح الرؤية و صدق التعبير عن الخلل الذي - اذا لم يعالج - سوف يعصف بمشروع وحدتنا .. ذلك المشروع الذي هو في منتهى الهشاشة لانه عاجز حتى الان عن ان يستوعب الاختلاف ! و يراد لنا ان نسكت ! كلا ، لن نسكت و لن نخجل و لن نحابي ! سوف نقول و بصوت عال - كما قال النائب الشاب محمد لمين ولد سيدي مولود و غيره من كبار التقدميين بأن هنالك غبن ممنهج و تراتبية في المجتمع و محاصصة قبلية في مختلف الوظائف العليا في الدولة و حيف في تقسيم الامتيازات و الصفقات و في الاكتتاب و المسابقات و البيانات الخصوصية و مذكرات العمل و التحويل و الترقية و الترشيح و التوظيف و المنح و الرخص و القروض و التأمينات و الرفع للخارج و تقسيم القطع الأرضية السكنية و الزراعية و حل النزاعات العقارية و المداخلات .. و غياب إرادة صادقة في إصلاح التعليم اوصلته الى مستنقع آسن ينتج التمييز و يكرس الغبن و يعيد انتاج التفاوت و الظلم ...
! كل ذلك نتج عنه مواطنون من الدرجة الاولى يسكنون أبراجا عاجية يتفرجون على شتاة دولة اخرى يسكنون في أعرشة بين الأزقة و العمارات الشاهقة ..! و مواطنون من الدرجة الثانية و الثالثة يراد لهم ان يعتبروا الامر قدر محتوم ! كل من تناوله كما هو او نبه اليه فهو عنصري ينشر الكراهية !
نعم لا يعني هذا مسؤولية مكون اجتماعي معين و لا يعني ان أفراد ذلك المكون قد استفادوا من الكعكة و السبب هو ( شين الشرك)
بل ان المسؤول الاول و الأخير هو النظام القائم ( موالاة و معارضة) فبدلا من التدقيق في الاسباب البعيدة لرفع الصوت لجأت الحكومة الى تعميم الشيطنة و تخويف الضحايا من خطورة التعبير عن الالم ! فهل يفهم من ذلك ان درجة الشعور بالذنب وصلت أوجها .. حتى لم يعد ولاة امورنا قادرين على تحمل أنين الجياع و تضجر المطحونين و البؤساء الذين يكبلهم الصبر و يحدوهم الأمل ! لقد طال حرمانهم و تعددت الاسباب و تراكمت حتى اصبح الأمل طوباوي بعيد المنال .. فهل ان العقاب أيسر من الانصاف ؟
قسموا بيننا الاقصاء و التهميش بالتساوي ان انتم عجزتم عن تقسيم العدل و المساوات في الفرص !
فلينتبه الجميع الى ان ذلك الخطاب - المستهجن مبدئيا - هو تعبير عن استياء او رفض او هو احتجاج على واقع ما .. و يجب على الحكومة تحييد الاسباب بما يجب من إجراءات و علاجات صارمة و صادقة و بعد ذلك التفكير في معاقبة المتمادين .
# حفظ الله موريتانيا
ابراهيم بلال رمظان