إن أجمل ما في الديمقراطية كنظام، والحقوق الدستورية كتشريعات،حق المواطن في أن يدلي بصوته بكل حرية
دون رشوة، ودون تزوير، ودون ضغوطات إكراه.
وهذا الحق المقدس، ليس من حق حزب أن يساوم عليه
الناخب،تلويحا أو تلميحا، لأنه مبرر وجود الحزب نفسه
وبسببه ينال ثقة الأغلبية ، أو يفقد الأهلية في الحكم.
ومسؤولية الحزب ومرشحيه،تنحصر في المنافسة الشريفة، وإقناع الناخبين ببرنامج المرحلة، والتعبئة على التصويت بكثافة له يومي الاقتراع، مع الحرص على التحلي بأخلاق الحكامة والرزانة في المنازلة، والابتعاد عن الاستهزاء بالمنافسين أو بالناخبين في كل الحملات.
ولأن الناخب هو مصدر السلطات، فهو أحق بأن يصعد هذا الحزب، و يعاقب بتصويته من لا يثق ببرامجه ومرشحيه من جميع الأحزاب، وليس العكس.
إذا لا أغلبية ، سواء عبرت عنها تمنيات الأطراف المتنافسة ، أو استطلاعات الرأي، إلا عندما تفرز نتائج الناخبين، ولا مناص من قبول نتائج الفرز، التي يصدقها بعد الطعون المجلس الدستوري، وتصبح نافذة وسارية المفعول ، فور إعلانه عنها طبقا للقانون والدستور.
ومع إقرار الجميع بهشاشة المنظمات الحزبية الراهنة، أحزابا حاكمة أومعارضة،التي تحتاج بإجماع الكل إلى تصحيح شامل، فان الأغلبية المتوقعة لاستمرار مسار التغيير البناء، الذي حققته العشرية المباركة من حكم محمد ولد عبد العزيز، كنظام حكم ، ونهج حوارات، لن تكون الآن حزبا واحدا بالتأكيد .
بل ستتشكل من أحزاب الأغلبية الفائزة في هذه الاستحقاقات، ومن طبقة سياسية مجددة، للخطاب ورموزه، وآلياته، ليست بالضرورة هي نفس الوجوه التي احتكرت قنوات التوصيل والتبرير والتهويل، في الخمس سنوات الأخيرة..
وهذا ما يفرض علي حكماء وعقلاء الأغلبية ، إعطاء الأولوية لخطاب الجمع والضم، وفتح جسور التعاون والشراكة والتضامن بين مكوناتهم، والنأي التام عن خطابات الاستعلاء والإقصاء والتمييز غير الايجابي، بين جنود الرئيس الأوفياء وأبنائه الخلص ، وأن يحترم جميع أطراف الأغلبية بجدية ودون استثناء، عموم أحزاب وتشكيلات الأغلبية وحلفائها، الداعمين لمأموريتي فخامة الرئيس في استحقاقات2009و2014 و لمخرجات حوارات2011و2016، ولتحالفات استحقاقات2018 و2019
ويبقى الرئيس محمد ولد عبد العزيز للكتلة الأكبر من الناخبين الموريتانيين هذه ، ليس فقط البوصلة التي تحدد المستقبل السياسي للنظام، بل هو مؤشر التغيير الذي يتترس به كل من يحاول من الحزب الحاكم أو أحزاب الأغلبية أن يفوز بثقة الناخبين في هذه المنافسات، نظرا لما حققه في عشرية الانجازات، ولتجربته الدبلوماسية المتألقة، ولقوته في ضبط الأمن ودحر الإرهاب في سنوات رحيل اللهب، والمقاطعة الزئبقية للانتخابات.
بمعنى أوضح لوترك المسار السياسي الآن وقبل أشهر، وبعد هذه الاستحقاقات بيد المتصارعين على توجيه البوصلة لمصالحهم الذاتية النرجسية ،في كل من الحزب والحكومة، لسقطت التعديلات والانتخابات في نفس الفخ، ولانحرف البلد لا قدر الله إلى المجهول.
من أجل ذلك الرئيس المؤسس الذي ما هرب، وما شرب، وما كذب، لم ولن يترك توجيه البوصلة بأياد مرتعشة تهرب، أو عقول أدمنت على الكذب تكذب، أو أكلة للأدمغة لا يحمون نظاما ولا يقدمون رؤية ، غير مراء ومهاترات "رباعيات ": اللهو واللعب، والشرب والشنب، و التقاطع والتدابر.، والنفاق والتزلف.
يقولون إن نابليون كان يكره قيادة الفئران للسياسة، ويقول: " يمكن أن أنتصر في المعركة بحزب من الفئران يقوده أسد،ولا يمكن أن أفوز بحزب من الأسود يقوده فأر"...
ويقولون ان عمر بن العاص ، لم يملك قلوب الأقباط في مصر، ولم يهزم حاميات الروم إلا حين أعطى الأمان لأهل مصر بكتابه المشهور والمنثور ، عملا بدهائه وحكمته.
فما يدرك بفتح القلوب، لا يعمر بزرع الغل في الصدور.
ألا ترى أن الأسد قد يقود لائحة وطنية وبمجرد زئيره يفوز بالغابة، وأن الفأر الخداع، قد يخرب سد مأرب، وقد يأتي على خزائن واد النمل، وهو من تسعة رهط يفسد في الحل والحرم.،يبقى مفسدا إن أكل وثلط، ومربكا إن نفق داخل جحره أو خرج يتودد.
صحيح حين يقال :غالبا ما يعتمد السلطان على الجنود المخلصين وان استشهدوا، وعلى أبناء بررة وان قتلتهم أعين الحساد.
ولكن الحذر كل الحذر من الساسة المرتزقة، والمتسلقين الذين يلهجون للسلطان بأنه معصوم من الزلل، والذين إن جلسوا معه في شأن عام حدثوه كشياطين، أوكأ وثان، أو كمنافقين مردوا على النفاق ثم ورثوا بلدانهم وشعوبهم الشقاق؟
ملك سليمان ملكا لاينبغي لأحد من بعده فصفد الشياطين المفسدين ، وملك نوح ألفا إلا خمسين سنة فدعا بالطوفان على عبدة الأوثان المستهزئين، وملك محمد صلى الله عليه وسلم 23 سنة فربى أمته على عقيدة: لمن الملك اليوم؟ لله الواحد القهار،ورتل لهم ترتيلا قوله تعالى : [إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا (145)]
يا أمة الملثمين الشناقطة :ستظل الأسود أفضل من الفئران، و سيبقى ركاب سفينة مؤمنون خير من الكهان وعبدة الأوثان، و تربت يداكم:جنود مخلصون ، خير من ساسة ذي الوجهين، في كل مكان وفي كل زمان.