شكل ظهور رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز بداية الحملة المحضرة لانتخابات سبتمبر 2018 دفعا قويا لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم بموريتانيا، وإشارة قوية إلى حجم الاهتمام الذى يوليه الرجل آخر انتخابات برلمانية يشرف عليها قبل تخليه عن الحكم لصالح رئيس آخر.
ورغم تواضع الحضور فى أول مهرجان افتتاحى للحملة وضعف التحضير للمهرجان الذى أختير له أن يكون فى ساحة المطار، ومقاطعة أبرز رموز الحزب بنواكشوط للحفل الافتتاحى بحكم انشغالهم بلوائح أخرى منافسة للحزب الحاكم، إلا أن الرئيس أستطاع خلط أوراق داعميه، وأثار غضب مناوئية من قادة الأحزاب السياسية المعارضة، وأختار فى نفس اللحظة كذلك إعطاء صورة ولو رمزية عن حجم التحول الحاصل فى هرم الأغلبية، مع رفض مطلق لأي تغيير قد ينهى المسار الذى بدأه الرجل قبل 2009 ، واعتبار كل الأنظمة السابقة شريكة فى هدم البنيان والتفريط فى مصالح الشعب والخضوع لابتزاز المقربين.
ولعل أبرز رسائل الرئيس للمقربين منه هي:
(*) ضرورة المسارعة إلى تجميد اللوائح المنشقة عن الحزب والعودة إلى المسار الأول والانضباط بقرارات الحزب، مهما كانت حجم الملاحظات أو الشعور بالغبن والإقصاء.
(*) الربط بين تحقيق نتائج إيجابية فى الانتخابات البرلمانية واستمرار الحكم الحالى، والمخاوف من تأسيس الحالة التى تعيشها الأغلبية الرئاسية إلى انشقاق قد يربك أجندة القائمين على الحكم فى سنة انتقالية، مهما كانت السيناريوهات المعتمدة أو الخطط التى ينوى الرئيس وأركان حكمه الدفع بها للشارع من جديد.
(*) الدعوة إلى تغليب المصلحة العامة على مصالح الأشخاص، متهما المنشقين عن الحزب والمناوئين للرئيس بأنهم دعاة مصالح ضيقة، وهو مايشى بقرب المتاركة بين الرئيس وجمهور عريض من الأطر الداعمين له، بعد نتائج سبتمبر 2018، فى ظل إصراره على أن لامكان داخل هرم المؤسسة التنفيذية أو الحزب لمن خططوا للإطاحة بالحزب فى انتخابات سبتمبر، أو تحالفوا مع غيره.
(*) تقويض مجمل الأحزاب الصغيرة ، حيث أكد الرئيس أكثر من مرة أن الحزب الحاكم هو حزبه، وأن الأحزاب الأخرى لاعلاقة لها به، ومن ترشح منها أو أنحاز إليها، أختار معسكرا غير معسكر الرئيس، وحزبا غير حزبه، وهو ما يسقط أهم ورقة لدى الأحزاب الصغيرة، وهي أنها أحزاب الرئيس كافة، وأن علاقته به جد قوية.
ويشكل حماس الرئيس للانتخابات التشريعية والبلدية والجهوية، أنها محطة مهمة محطات التدافع السياسى داخل البلد، وهو مايحتم اتخاذ إجراءات متسارعة فور انتهاء الصراع، كتشكيل حكومة جديدة، واختيار طاقم من أهل الوفاء للرئيس وحزبه، ومعاقبة آخرين لضعف أظهروه أو لخداع مارسوه أو لعجز عن مسايرة عملية التحول الجارية داخل حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم بموريتانيا.