قبل ثمانية أشهر من الآن و خلال جولته الإفريقية و تحديدا في جامعة " واغادوكوا" تهكم الرئيس الفرنسي الطري إيمانويل ماكرون على رئيس بوركينا فاسوا أمام ثلة من طلاب جامعته المسلوبين الحقراء قائلا لهم " ربما يكون رئيسكم ذهب ليصلح لنا المكيفات ! فالجو حار هنا في مدرج الجامعة " .
ردت ثلة طلاب " جامعة واغادوغوا " على الرئيس ماكرون بالتصفيق و القهقهة تماما كما هو حال جل شباب القارة اليوم الضائع و الممسوخ .
رددنا نحن حينها من مدينة كيهيدي بمقال على تلك السقطة و ذلك التهكم و التعالى الصادر من رئيس دولة إستعمارية هي أصل كل البلاء و الويلات و الحروب على القارة و سارقة خيراتها ... تحت عنوان " ماكرون إذهب أنت لتعيد الكهرباء الذي سرقتم وقوده و طاقاته من إفريقيا "
اليوم تغمرني سعادة لاتوصف و أنا أشاهد قطعة " الشوكولاتا البيضاء " تلفحها أشعة شمس صحراء الملثمين و أتربة كمبي صالح و غبار معارك المرابطون تحت حرارة 40 درجة مئوية و لمدة أربعين دقيقة .
هي حاصل ضرب ( 40×40) = 1600 سنة من تاريخ ساكنة هذه الأرض الذين طوعوا صحراء ورياح و حرارة و رمال الملثمين و أدغال وسهول الساحل الغربي الإفريقيا .
و لقنوا الغزات دروسا في التضحية و الإستبسال من معركة الزلاقة مرورا بمعركة لكويشيش و تيجكجة و وديان الخروب و النيملان و أنواذيبو و توجنين و إنتهاء بأم التونسي .
أم التونسي التي ربضت على مطارها اليوم الطائرة الرئاسية الفرنسية و قبطانها يكرر حين همت بالهبوط نريد إذنا .. نريد إذنا .. نريد إذنا " بالهبوط في مطار أم التونسي " .
و بعد الإذن يترجل منها الرئيس الفرنسي إيمانويلا ماكرون " ليقف طويلا تحت أشعة الشمس الحارقة و يردد في النهاية كلمات من قبيل " نشكركم سيدي الرئيس و سوف ندعمكم في التنمية و التعليم العالي ... "
# لكنني أنا بدوري أقولها و لأول مرة شكرا لرئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية / السيد محمد ولد عبد العزيز .
الذي جعل الرئيس الفرنسي يميز جيد بين الظل و الحرور بين موريتانيا و فولتا العليا .
و شكرا له أيضا لانه جعل فتى فرنسا يقف طويلا عند أمجاد و بطولات أم التونسي و مصارع الغزات الفرنسيين و أذنائبهم من العملاء فيها قبل أن يتفيئ ظل سقف المرابطون .
لايساورني أدنى شك هذه اللحظات بأن أبناء العملاء و أحفاد "آماليز" و بقايا حكومات الإستعمار و الطابور الخامس لفرنكوفوني سيكونون هذا المساء يتذللون و يمكرون مع الماكرون في أقبية وردهات السفارة الفرنسية في نواكشوط .
لكنني أنا أيضا سأظل و لزمن طويل سعيدا بصورة الطائرة و الرئيس يثمان كرها على مدرجة " معركة مطار أم التونسي " .
في إنتصار جلي و واضح للمقاومة و شهدائها و دمائها و أبناءها .
و رد بيين للإعتبار للشقيقة "بوركينا فاسوا " و رئيسها و شعبها و لإفريقيا الحرة من بعدهما .
وفي النهاية أقولها مرة أخرى أيها الماكرون ؛ بضاعتك ردت إليك مجزاة .
لانريد تعليما فرنسيا و لاتربية فرنسية و لا مكان بيننا للعملاء .
عاشت المقاومة .
عاشت اللغة العربية .
عاشت موريتاتيا .