ان المتتبع لتاريخ الصحافة الموريتانية يدرك انها ولدت بعملية قيصرية اشرف عليها طبيب فاشل , فخرج الجنين مشوها فاقدا للحواس الخمسة , وايضا الحاسة السادسة التي تخص الصحافة,فشب تحت رقابة اعين مخابرات امن الدولة التي تولت مهمة التمريض,فعطلت قدرته على الانجاب , وظلت الدولة او السلطة على الاصح تحتكر وسائل الاتصال , فصبغتها بطابع النمطية , فلم تتجاوز رسالتها الاعلامية افعال:قرر واجتمع وندد واعرب واستقبل واقال,,,الخ وفي اكثر الحالات تميزا تبث رسائل اعلامية تهدف الى تعبئة الجماهير لتاييد البيانرقم1 والترويج للحاكم الجديد ,,, واستعانت الانظمة في تكريس حالة الموت السريري تلك بمجموعة من الكتاب والادباء ارتهنوا لحلم الشهرة غير ابهين بما قد يسببوه من وراء تلك الرسائل الاعلامية المسمومة,مستخدمين لغة تخصهم هم و ليست لها بلغة الاعلام صلة , وهو امر طبيعي في ظل عدم التكوين , و النقص في الخبرات , والرقابة الامنية المشددة , في ظل نظام عسكري لا يرى في ووسائل الاعلام الا مايحقق مصالحه ويبرر سياسته ويلمع تصرفاته ويهاجم معارضيه ومخالفيه,,,,, وحين قرر العسكري لبس ثوب مدني , في عملية قيصرية اخرى انجبت جنينا سموه “الديمقراطية “رفعت الرقابة عن الجهاز التناسلي للوليد الذي سموه “اعلاما”ولان فترة الرقابة كانت طويلة , وكمية الحبوب التي استخدمت لمنع الانجاب كانت كثيرة , فقد القدرة على الانجاب , ولانه اصبح يشبه الفطر , تحول الى “أميبا”فتكاثر بالانشطار, فتعددت انواعه والشكل واجد, عشرات التلفزيونات والمواقع الالكترونية ومئات الجرائد, تعددت الاشكال والمضمون واحد , تماما مثل التعددية في الاحزاب السياسية …. ولان الرقابة الامنية المباشرة لم تعد مقبولة في عالم اصبح قرية واحدة بفعل تطور تكنولوجيا اتصال الفضاء , لجأ النظام الى شراء ذمم الاعلاميين , وتجنيدهم في فرع المخابرات , او على الاقل معظمهم ,,,, فبدل ان نستفيد من الحرية التي اصبحت حقا انتزعته ثورة الاتصال , لجأنا الى استنساخ محطاتنا الارضية بنفس الرسالة مع ان الجمهور اختلف , وكأننا نؤجر اقمارا صناعية بملايين الدولارات من اجل ان نظهر مساوئنا ونؤكد عجزنا عن خلق اعلام فصائي مكتمل الابعاد, المرسل , والقناة , الكادر البشري ,والرسالة الاعلامية , والمتلقي ,,,, وفي ظل ذالك الواقع يتسائل الكثيرون عن سبب عدم متابعة الجمهور لوسائل الاتصال الموريتانية , وكيف يتابعها وقد فقدت مصداقيتها بسبب عدم الدقة والتحري, ومحاولة السبق الصحفي دون بذل الجهد الكافي لذالك , اذ كيف تحقق سبقا صحفيا وكل نشاطك يعتمد على القص والتلصيق , نفس الخبر يتكرر في كل المواقع وكأن المحرر شخص واحد,,,,؟ و الكارثة الكبرى اننا تعاملنا مع قنواتنا كما نتعامل مع اسرنا وقبائلنا واعراقنا ,فاصبحت كل وسيلة هي وجه اخر للاسرة او الجهة او القبيلة , فافقدناها مهنيتها , وتعاملنا معها كما تعاملنا مع الهاتف النقال “بيع الرصيد ” فصرنا نبيع مادتها الاعلامية لمن يدفع اكثر ,,,وبذالك للأسف يمكن القول ان العملية القيصرية التي انشات الاعلام الموريتاني لم نستطع تجاوز مخلفات وتبعات واثار فشلها,,,,,,,,,,
بقلم:باب المقداد