أرى أن ممارسة السياسة الحزبية فى بلداننا
محاكاةً للشعوب المتحضرة ، تشكل ربما نوعا من تعاطى الهواية مثل لعب الشطرنج و الرماية و الفروسية .... لكنها لا تؤدى الى نتيجة تذكر بل إنها تخدم الأنظمة الإستبدادية القائمة بإضفاء الطابع الديمقراطى عليها !!!
فلم نشاهد رئيسا فى العالم العربى نظم إنتخابات ثم خسرها و سلم الحكم لمعارضيه...
لا يوجد الآن سبيل لإنتقال السلطة إلا بطريقتين إما بالإنقلاب العسكرى و هو نوع من تبادل الأشخاص مع الإبقاء على نفس نمط الحكم !!! و الطريقة الثانية هي الثورة الشعبية و قد شاهدنا آثارها الكارثية على الشعوب المتخلفة حين لا تمهد لها نهضة فكرية و منظومة أخلاقية تنظم علاقات الأفراد ريثما يتوصلون إلى الإتفاق على دساتير و قوانين نهائية تسير شؤونهم عكس الشعوب المتحضرة التى تحترم القوانين و تنظم شؤونها مؤسسات فقد أمضت دول مثل بلجيكا و إسبانيا و إيطاليا شهورا بدون حكومات و لم يتغير شيء يذكر نظرا لنضج الشعوب و مستواها الحضارى ....
فالجهد يجب أن ينصب إذا على خلق مواطن صالح و تكوينه لرفع مستواه المعرفى و الحضارى بغرس قيم التسامح و حقوق الإنسان و إحترام القوانين و مبدأ المواطنة الذى يجب أن يشكل العقد الإجتماعى الوحيد الذى يتنازل من خلاله كل مواطن و كل جماعة عن سلطاتهم الطبيعية للدولة التى يجب أن تحتكر العنف مقابل توفير الأمن و العدالة و الحريات و الخدمات و الحماية للضعيف من تسلط الأفراد و التجمعات دون إعتبار لأي إنتماء عرقى أو قبلى أو فئوي و إعتراف كل فرد بواقع الظلم الذى سلط على البعض بفعل أخطاء المجتمع و تناقضاته التى تراكمت عبر التاريخ و القبول بتصحيحها بمحاولة إلحاق الفئات المتأخرة بالركب الذى تأخرت عنه بفعل الظلم و الإقصاء ليتصالح المجتمع و يسير فى صف واحد و فى جو من الأخوة لا مجال فيه للثأر و الإنتقام .
و حينها يصبح لممارسة الديمقراطية معنى و إلا فإننا سنبقى نمثل أدوارا فى مسرحيات هزيلة نلعن فيها أو نركض وراء كل مغتصب للسلطة جاء على ظهر دبابة يواليه بَعضُنَا تزلفا و إنتهازية و يعارضه البعض الأخر عجزا و حسرة ..