فضيحة مدوية

سبت, 2015-01-03 15:13

يعتبر انعقاد المجلس الأعلى للقضاء مسألة مهمة ليس لأنّه هو الذي تتمّ فيه ترقية القضاة وتحويلاتهم من مناصب إلى مناصب ومن أماكن إلى أخرى فحسب وإنّما لأنّه هو الذي تمكن قراءة نتائجه من استكشاف رؤية القائمين على القطاع وفلسفتهم في السعي به نحو الأفضل.

ذلك أنّ هذه الفلسفة أو الرؤية  تنبجس عبر تطبيقاتها في أرض الواقع تلك التطبيقات التي تشكل التحويلات أحد أهمّ ركائزها وإذا كان ذلك كذلك فإن أهمّ ما يمكن أن يستشف من تحويلات المجلس الأخير المنعقد بتاريخ:30/12/2014 أنّها سادت فيها المحاصصات القبلية والسياسية بشكل لا تدمى له العيون وإنّما القلوب ويتضح ذلك بشكل جلي من استعراض حصة قبيلة السيد وزير العدل من التعيينات وكذلك حصة فصيل السّيد الوزير الأول منها فبالنسبة للأولى :

 

1- عيّن وزير العدل الأخ الرئيس ابن عمّه الناج/ محمد المصطفى الذي كان يرأس غرفة بمحكمة الاستئناف بكيفة رئيس غرفة بالمحكمة العليا ليحقّق له الترقية والوجود في أنواكشوط
2- عيّن وزير العدل ابن عمّه الأخ الرئيس عبد السلام/ الرباني قاضي التحقيق السابق في محكمة ولاية أترارزة قاض تابع لديوان الوزير(في أكراج)  وهو منصب يتمناه الكثيرون نظرا لعدم وجود حوافز للتعيين داخل المحاكم وسبب تعيين الأخ الرئيس عبد السلام/ الرباني في الوزارة هو أنّه لا يرغب في الوظائف الكبيرة والمهمة حسب معرفتي له وإنّما يريد دخول العاصمة فقط وهو ما حقّق له ابن عمّه الوزير
3-عينّ وزير العدل ابن عمّه الأخ الرئيس أحمد/ ألبو الذي كان مستشارا في المحكمة الجنائية قاضي تحقيق رئيس ديوان التحقيق المكلف بالمخدرات والجرائم العابرة للقارات بأنواكشوط
4- عيّن وزير العدل ابن عمّه الأخ الرئيس عيسى/محمد قاضي تحقيق في أنواكشوط سابقا رئيس القطب المكلف بالتحقيق في الجرائم الإرهابية بأنواكشوط
5-عين وزير العدل الأخ الرئيس محمد يسلم/ عبدي أحد أفراد قبيلته قاضي التحقيق في لعيون سابقا مستشارا بمحكمة الاستئناف في ألاك وليس في أنواكشوط ربما لأنّه لا تربطه به روابط عرقية قوية أو لأنّه ابن فقراء ... لأن قرابته منه لم توصله لأنواكشوط وإنّما وضعته على مسافة: 255 كلم منه
هذا بالإضافة إلى تعين قريبين له من الدفعة الأخيرة- للأسف لا أعرفهما- في أماكن قريبة كما هو الحال بالنسبة لأولهما حيث تمّ تعيينه في مقاطعة الشامي التي لا عمل فيها نتيجة لانخفاض الكثافة السكانية بها أمّا الثاني فتمّ تعيينه قاضي تحقيق في محكمة الولاية بمحكمة الولاية بكوركل ولا ندري سبب قسوته عليه بجعله على مسافة تزيد على 400 كلم من العاصمة وبذلك يكون السيد الوزير قد نال جميع أقربائه بفائض كرمة ويتضح ذلك من أنّ من لم تشمله تعييناته منهم وهما وكيل جمهورية ولاية إينشيري  و رئيس محكمة مقاطعة تفرغ زينة كانا معينين في مناصب جيّدة ولا يريدان بها بدلا ولم ينس السيد وزير العدل مواليد ولاية أهله من أبيه وأمّه و(طلبة) هؤلاء الأخيرين حيث فاز بعضهم برحمة معاليه فتمّت ترقيته بمنحه مناصب مهمة أوفي أماكن قريبة من العاصمة والمدن الكبيرة هذا بالإضافة إلى إعطاء السيد الوزير نصيبا كبيرا من الاهتمام في التعيينات لأقارب السيد الوزير الأول ويتضح ذلك ممّا يلي:
1- منح الأخ السيد الرئيس محمد الغيث/ عمار -ابن عمّ الوزير الأول - رئاسة محكمة استئناف أنواكشوط بعد أن حوّل عنه قسرا محمد عبد الله / الطيب الرئيس السابق لها مدعي عام لدى محكمة استئناف ألاك (أكوأنتانامو)
2- منح الأخ القاضي الشيخ/ محمد محمود -ابن عمّ السيد الوزير الأول -الذي كان وكيلا جمهورية بمحكمة ولاية كيفة منصب المدعي العام لدى محكمة الاستئناف بها أي كيفة
3- منح الأخ السيد الرئيس الحسين/ أحمد البشير -ابن عمّ السيد الوزير الأول- الذي كان يشغل منصب قاضي التحقيق بمحكمة ولاية تيرس الزمور منصب وكيل الجمهورية بذات المحكمة بعد أن طرد عنه القاضي العربي الأصيل الشجاع عثمان/ محمد محمود الذي كان يشغل المنصب
4- منح الأخ السيد الرئيس محمد/ أحمدو- ابن عمّ السيد الوزير الأول -الذي كان قاضي تحقيق في محكمة ولاية كوركل رئاسة محكمة هذه الولاية بعد أن تمّ طرد رئيسها القاضي الفذّ التقدمي عبد الله / أحمد سالم الذي كان يشغل نفس المنصب
وبالتالي لم يسلم من الترقية أو التعيين من أقرباء السيد الوزير الأول حسب علمي سوى عبد الله / أحمد ينج  وهذا راض عن منصبه أو (ماه شين عند حسب تعبيره)
إنّ هذه التحويلات لتشي بتفشي القبلية والمحاباة والزبونية السياسية بشكل غير مسبوق في عقول القائمين على قطاع العدالة وبالتالي تشكل انحرافا خطيرا عن مسار الإصلاح وتنكرا للوعود التي أطلق السيد الرئيس بإصلاح القضاء كما تضرب عرض الحائط بالحملة التي أطلق السيد الرئيس من أجل تكريس المساواة والشفافية في الحياة العمومية ومحاربة الفساد أضف أنّها –أعني التعيينات- تعزّز ما تتّهم به السلطات القضائية من التسيس وتفشي الانتماءات الضيقة فيها ونحن إذ نكتب هذه الأسطر فإنّنا نريد من خلالها تحقيق الأهداف التالية:
-اطلاع السلطات العليا في البلد على المضمون الحقيقي والكارثي لهذه التحويلات ووضعها أمام مسؤولياتها في ما يتعلق بالنتائج الفظيعة التي تترتب عليها
-إطلاع الرأي العام على الطريقة التي تدار بها العدالة التي تحكم في الرقاب ولأعراض والأموال في بلد يمر بفترة تحولات جذرية في جميع مساراته الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية ...
-الوقوف في وجه كلّ ما من شأنه المساس بقداسة القضاء وهيبته في حدود ما تسمح به النصوص القانونية خاصة الفقرة:3 من المادة:14 من النظام الأساسي للقضاء وتبرئة القضاء والقضاة من آثار ما يمكن أن يترتب على هذه التحويلات وتنبيه الرأي العام على أنّ ما في هذه التحويلات من فبلية ومحسوبية .... لا علاقة للقضاة به نظرا لأنّ العرف السائد في المهنة هو أن لا يطلب القاضي وظيفة طلبها زميله وأن الطلبات تنسق ويتمّ التشاور فيها بين الزملاء وبالتالي فإنّما يشوب التحويلات من مساوئ جمّة وخطيرة من بنات (أفكار) السيد وزير العدل ولا علاقة للقضاة به
وحسبنا الله ونعم الوكيل وإنّا لله وإنّا إليه راجعون
القاضي محمد ينج/ محمد محمود
رئيس محكمة مقاطعة تمبدغة ومكون من طرف الاتحاد كمكون بوزارة العدل

المصدر:المشاهد