مما لا شك فيه أن الفصل الأخير من محاكمة الزعيم الحقوقي بيرام ولد الداه اعبيدي ورفاقه, لم يكتب بعد، إلا أن المتتبع للمشهد المحلى و الدولي ، و مجريات المحكمة حتى الآن، يدرك و بدون شك أن المحاكمة شكلت فرصا متعددة لأكثر من طرف, .
فهي فرصة للزعيم بيرام ورفاقه لينالوا حريتهم المسلوبة بقوة حكم الفئية الواحدة و العسكري الواحد وقد بدا ذلك شبه محسوم فكل من حضر جلسات المحكمة, سواء من المحاميين ، أو الصحفيين، أو المراقبين كلهم أجمعوا على قوة حجج بيرام، ورفاقه، وتماسك وأقوالهم, ما يجعل أي قرار ستصدره المحكمة سوى البراءة, " قرارا "سياسيا بامتياز" تعززه الادلة الدامغة والبراهين.
كما شكلت المحاكمة فرصة,نادرة لحركة إيرا الحقوقية، فالمحاكمة فرصة لالتحام قاعدة إيرا بقمتها، حيث كانت القمة في القاعة تقارع الحجة بالحجة، والقاعدة تحتشد أمام قصر العدل في روصو، بآلاف من لحراطين و الزنوج وسط غياب ملحوظ لبيظان الذين يرى غالبية المراقبين للمشهد المحلى أن غيابهم عن هذه المحاكمة غير مبرر لعدت أسباب من أهمها:أنها كانت فرصة لاستماع إلى برام ورفاقه عن قرب بعيدا عن الشائعات. في مشهد أثبت للجميع أن اعتقال بيرام ونائبه ليس نزهه ولا نهاية المطاف,.
كما شكلت المحاكمة ايضا فرصة للنظام الموريتاني الذي ارسل جيشا من المخابرات لمراجعة خياراته تجاه حركة إيرا،و فهم طبيعة المرحلة و متطلباتها, حيث يعرف لجميع ان المحافظة على الوحدة الوطنية و الانسجام تعني أن نحمي جميع الشرائح من القهر و الاستبداد الذي نتيجته الحتمية الثورة, وهي فرصة ينبغي للنظام انتهازها للبدء في سياسة وطنية حقيقية، تنصف مكونة لحراطين من الظلم التاريخي. الذي تعرضوا له، وما زالوا يتعرضون له، كما على النظام أن لا يعتقد أن القبض على بيرام والزج به في السجن سينهي حراك لحراطين لنيل حقوقهم، لأن القمع، والتخويف لم يعد يجدي شيئا أمام المعاناة اليومية الأرقاء و الأرقاء السابقين الذين مازالو يتشحطون فى الريف، والقرى، والمدن,و أحياء الصفيح أماكن البؤس و الحرمان..
هذا و تشكل محاكمة بيرام ولد اعبيدي، وزملائه أيضا فرصة للدول الخارجية، والمنظمات الدولية للانتباه إلى حقيقة الوضع الإنساني في موريتانيا، وضع ظل قيد الكتميان، والنسيان، لكن هذه المحاكمة ستجعل العالم كله يطلع على السبب الحقيقي الذي من أجله يناضل بيرام ولد اعبيدي، وكافة الحركات المناهضة للعبودية, وعلى أساسه أعتقل و ما موقف الولايات المتحدة، وفرنسا، والبرلمان الأوربي, عن انشغالهم الكبير بمجريات محاكمة نشطاء حقوق الإنسان في روصو و إدانة اسرائيل و المطالبة بتحرير فلسطين دليلا واضح .
هي إذا فرص بالجملة تتيحها محاكمة بيرام ولد اعبيدي ورفاقه في روصو، فهل سينتهز الجميع هذه الفرصة، لتكون المحاكمة فرصة لموريتانيا للخروج من الأزمة الخطيرة، التي يتخبط فيها نظام الجنرال عبر إنصاف لحراطين من الظلم ؟ أم سيواصل النظام الموريتاني تعنته، ومكابرته ما ينذر بعواقب وخيمة على الوطن والمواطن؟
تحليل موفد"الشرق اليوم"إلى روصو