قال الأستاذ/ أيد ولد عاطيه الله,ان اعترافات الوزير و النائب و الدبلماسي و عضو الحزب الجمهوري السابق السيد:محمد فال ولد بلال يقول ولد عاطيه الله, لقد تابعت التصريح الذي تضمن ما سمي بالاعترافات الخمسة و اشكر صاحبها على ذلك , ولأن تأتي متأخرا خير من أن لا تأتي أبدا , و الاعتراف بالخطأ مكرمة ,و الحق أحق أن يتبع .. لكن بودي فقط أن أبدي ملاحظات على ما تضمنته هذه الاعترافات : الاعتراف الأول : الاعتراف صراحة بأنّ لحراطين فئة عربية مسلمة أصيلة و ذات ثقل كبير عاشت معظم حياتها مهمشة و معزولة عن المجرى الرئيسي للثقافة العامة و التنمية ، ما جعلها تشعر بالحرمان و تحس بالغبن الاجتماعي. و قد توافرت لديها كلّ المعطيات و الظروف الموضوعية ]داخليا و خارجيا[ لترتفع أصواتها مطالبة بالخدمات الأساسية و المساواة تعبيرا عن تظلمات و احتقانات اعْتمَلت في أعماق صفوفها ، و تبلورت في عقول المثقفين من أبنائها و في عقول الخيّرين من أبناء الوطن كافة…و بالتالي ، ينبغي التعاملُ مع “إيرا” الحالية و “الإيرات” المستقبلية بتفتح و عقلانية و سعة صدر من كانت تغيب عنه هذه الحقيقة بالأمس لا يمكنه أن يقنع لحراطين بها اليوم ولن يصدقه الوطنيون المخلصون لهذا الوطن من كافة أطياف المجتمع الذين ناضلوا خلال سنولت الجمر من أجل أن يقنعوا الموريتانيين بهذه الحقيقة فلم تلهيهم الوظائف ولا المال عن الصدح بها و في وقتها.فلم تجد تلك الأصوات من داخل لحراطين أو من خارجهم آذانا صاغية و لا قلوبا واعية و لا عقولا راشدة فإذا كانت النتيجة هي بروز إيرا فهي نتيجة طبيعية و منطقية لا تفاجئ إلا من كان متنكرا لهذه الحقيقة أو متجاهلا لها, وإذا أستمر الحال على ما هو عليه أو ساء - لا قدر الله - ستبرز بيرا و ميرا وكيرا.. الاعتراف الثاني : الاعتراف بالمظالم التنموية و الخدمية التي تعرّضت لها هذه الشريحة عبر التاريخ ، و مواصلة الجهود بحزم وعزم عبر مبادرات مُبْتكرة و سياسات تَـفْـضِيـلِيّةلتوفير الخدمات الأساسية لسكان “آدوابه” و أحياء الصفيح ، و انتشالهم من الفقر و الهشاشة و الإقصاء. أقول مواصلة العمل لأن العمل قد بدأ “هاكْ” من خلال فتح المدارس ، و بناء المراكز الصحية ، و فكّ العزلة ، و برامج محاربة الفقر ، و إذكاء روح المشاركة في الشأن العام… أدري أنّهُ عمل متواضع حتى الآن و دون المستوى المرجو، و لكنه خطوة في الاتجاه الصحيح نعم الضرر يزال قاعدة فقهية جميلة لذا لا بد من جبر هذا الضرر الذي لحق بهذه الشريحة من غبن و تهميش و تأخر على جميع المستويات من تعليم و صحة و توظيف إلى غير ذلك ,والتصور الذي قدم يمكنه أن يشكل دواء لهذه الإشكالات , وأما أن العمل قد بدأ ’’هاك’’ وأنه عمل متواضع ودون المستوى طبعا هو كذلك , أما أنه خطوة في الاتجاه الصحيح فلدينا تحفظ على ذلك لأسباب موضوعية. إن أي عمل لا يستهدف هذه الشريحة من المجتمع التي وصفت بكل هذه الأوصاف و بصفة مباشرة لا يمكن أن يأتي بالكثير ولا يمكن للحلول الآنية و المسكنات اللحظية والمناسباتية أن تخرجها من كل هذه الويلات أنتجتها تراكمات كبيرة على مدى عقود من الزمن, بل لا بد من سياسة تمييزية حقيقية و ليست استهلاكية تشتمل على استراتيجية ممنهجة متعددة الأبعاد الاجتماعي منها و الثقافي و التعليمي و الصحي لها أولوياتها و آجالها و تقييمها بعيدا عن العموميات ,أما تدشين قسم هنا أو هناك أو نقطة صحية في هذه القرية أو تلك هو ما عرفناه مع عهود سابقة بائد عبر سياساتها التي انكشف في النهاية زيفها و عدم جدوائيتها و نرجو أن لا تسير الأمور على نفس الخطى الماضية التي كانت مجرد شعارات في الهواء لا وجود لها و لا فائدة منها على أرض الواقع . الاعتراف الثالث : الاعتراف بوجود استعلاء ثقافي وعرقي لدى البيظان شكّل عنوانا سيئا في مفردات الخطاب و السلوك الاجتماعي طيلة قرون ، مع أنّهُ لا يستندُ إلى شيء. لا يستندُ إلى عقل ، و لا يستندُ إلى دِين ، و لا دُنيا. و اليوم ، فإن المصلحة العامة تدعو الجميع إلى القيام بثورة حقيقية على تلك العقليات ، و العمل على تحقيق الانصهار و الاندماج في بعضنا البعض. و في هذا الإطار، يتعيّن على البيظان التكفير عن ذلك الاستعلاء أو التّكبُر، و الاقتلاع عنهُ فوْرا. كما يتطلّعُ الجميع إلى أنْ يتحرّر لحراطين شيئا فشيئا من ذلك الإحساس الزائد بالاضطهاد و الإقصاء الذي سكنهم لعقود ، ليحلّ محلّه إحساس أكثر إيجابية بالمشاركة و المسؤولية نعم إن التكبر و الاستعلاء أمران مذمومان وهما تعبير لا مراء فيه على أن من كانت هذه صفاته فقد أصيب بمرض من أمراض القلوب الذي حذر منه الشرع و رتب لذلك عقوبة شديدة جدا , إذ لا بد من التوبة إلى الله توبة نصوحة بشروطها المعروفة الإقلاع عن الذنب و الندم على ما فات و العزم أن لا يعود ,رجاؤنا أن يتحقق ذلك بالانصهار و الاندماج .أما ما يتطلع إليه الجميع في أن يتحرر لحراطين شيئا فشيئا من الإحساس الزائد بالاضطهاد ..ليحل محله إحساس أكثر إيجابية .. فهذا هو الآخر فيه نوع من الظلم وعدم الاعتراف بالواقع المر و الإرث التاريخي الثقيل وفيه شيء من التنكر للإسهامات الكبيرة التي قدموها لحراطين خاصة في مجال السلم الاجتماعي والتنمية الاقتصادية و الدفاع عن الحوزة الترابية و النضالات الجريئة و الواعية من أجل نيل الحقوق دون إفراط و لا تفريط حيث تعاملوا مع الأنظمة الغاشمة و الدكتاتورية - وهو أدرى بذلك - بكل مسؤولية و إيجابية لكن بكل حزم وعزم وصرامة. الاعتراف الرابع : الاعتراف بأنّ لحراطين اليوم باتوا قوة وطنية كبرى و طرفٌ حاضرٌ في أعلى مستويات الدولة…قوة تحظى برئاسة مؤسسات دستورية مهمة ، و تفوز بمئات المقاعد في البلديات و البرلمان ، و تقود وزارات و نقابات و اتحادات و هيئات مدنية مؤثرة… كما أنّ الظفر بمنصب رئيس الجمهورية في مُتناول يدها متى استطاع الشعب الموريتاني التعبير عن إرادته الحرّة… وعلى هذا الأساس يجبُ على قادة الرأي و الوجهاء و النشطاء من كلّ الشرائح و الفئات ، التّرفع إلى مستوى المسؤولية عن الوطن ككل و العمل على بناء الثقة و المصالحة و الوحدة
-