يبدو عدم تكليف معالي الوزير الاول مولاي ولد محمد لغظف بتشكيل حكومة المأمورية الثانية لفخامة رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز يشكل مفاجأة كبيرة لدى الرأي العام الوطني ظهرت على مستوى الصحافة الوطنية وشبكات التواصل الاجتماعي، الأمر الذي يعكس المصداقية الهامة التي يحظى بها الرجل لدى الرأي العام، والتي اكتسبها من تجربته في قيادة الفريق الحكومي خلال المرحلة الانتقالية والمأمورية الانتقالية المنصرمة لفخامة رئيس الجمهورية.
لقد كان الرجل وهو التكنوقراطي الهادئ والرزين يعمل خلال السنوات الماضية بكل إخلاص وتفان في تجسيد القرارات والتصورات السامية لفخامة الرئيس، وتميزت تجربته القيادية بالصرامة والشفافية مع امتصاص تحفظات المخالفين بأخلاقه الدمثة وحنكته السياسية.
وقد مكنته تجربته العملية خارج البلاد من إدارة الشأن الوطني بما يتطلبه من رؤية واضحة للأمور، وإشراف ميداني على مشاريع التنمية التي شهدتها البلاد لأول مرة في عهد الرئيس محمد ولد عبد العزيز، خاصة التنموية العملاقة كشبكة الطرق والمطار الدولي ومشروع الحالة المدنية والنهضة الزراعية، مراجعة سياسات الصيد لأول مرة في تاريخ البلاد حيث كانت ثرواتنا السمكية تنهب من طرف جهات خارجية مقابل فتات نحصل عليه مع كثير من الامتنان.
لقد ظل معالي الوزير الأول السيد مولاي ولد محمد لغظف ساهرا في ميدان الورشات الوطنية من أجل تجسيد المشاريع والرؤى السياسية والتنموية لفخامة الرئيس بكل صدق ووفاء، ولم يكن يهتم بالأضواء والتلميع الشخصي عكس غيره من أصحاب المناصب السامية، وتبقى أهم محطة وفاء في تاريخ الرجل تلك التي سجلتها له موريتانيا خلال الوعكة الصحية لفخامة الرئيس، حيث كاد الوطن يغرق في الإشاعات المغرضة عن صحة الرئيس، لكن مولاي رغم حساسية تلك الظروف وصعوبتها ظل وفيا لقائده مسيطرا على الأمور، حريصا على التمسك بقوة وصرامة بزمام المبادرة غير منشغل بما تروجه بعض الأطراف السياسية من أكاذيب وتلفيق خاصة تلك التي تتهمه شخصيا زورا وبهتانا.
نعم يغادر مولاي ولد محمد لغظف رئاسة الحكومة الموريتانية وقد ترك بصماته التنموية محفورة في وجدان الشعب الموريتاني إلى جانب أخلاقه العالية وابتسامته المرسومة على محياه، والأهم أن الرجل الذي شغل هذا المنصب الحساس كل هذه الفترة لا تجد له أي خصومات شخصية ولا أحقاد ولا متابعات مع أي كان حيث حظي باحترام جميع أطياف المجتمع الموريتاني، لقد حدثني أحدهم يوما ما وهو عاتب عليه، “أن مولاي الرجل الوحيد الذي لن يخالف القانون أبدا مع ذلك ستخرج عنه مبتسما حتى ولو لم تتحقق حاجتك لديه، له قدرة على احتواء الآخرين بأخلاقه وحنكته”.
اليوم وقد غادر الدكتور مولاي رئاسة الحكومة يتسائل الرأي العام بكل تلهف عن وجهة الرجل الثقة الذي سيبقى أقرب الرجال في الوطن لفخامة الرئيس حتى ولم لم يشغل أي منصب سياسي أو إداري لسبب بسيط هو أن الرجل يقمع طموحاته الشخصية مقابل خدمة الوطن والوفاء لقائده الذي منحه ثقته عدة مرات ومن المؤكد أن تلك الثقة لم تبرح مكانها لكن الرجل بعد أن وضع قطار العمل الحكومي على السكة التنموية الرائدة، مطلوب لمهام أخرى أكثر أهمية بالنسبة للرئيس.
بقلم: المهندس/ السيد ولد المجتبى