استهل "الوزير الأول" يحيى ولد حدمين جولته الداخلية الهادفة إلى التعبئة للتعديلات الدستورية من مدينة الطينطان بولاية الحوض الغربي. الوزير الذي يعيش لحظاته السياسية الأخيرة ويسير على خطى نظيره في أول حكومة لسيدي ولد الشيخ عبد الله، اعتمد في زيارته للمقاطعة المنكوبة على ثلاثة عناصر بعد فشله في احتواء تمرد ضده تقوده مجموعة من أطر المقاطعة، من ضمنهم وزراء في حكومته ومدراء في نظامه.
المجموعة المتمردة أعلنت مقاطعتها لزيارة ولد حدمين رغم انتمائها للنظام واندفاعها في كل الأنشطة السياسة التي تنظمها الأنظمة العسكرية بالمقاطعة منذ اللجوء إلى الاعتماد على الزعامات القبلية والروحية في العملية السياسة بشكل صريح. يعود تمرد المجموعة المذكورة إلى دعمها ومساندتها لسلف ولد حدمين ومنافسه الأول على المكانة السياسية الأولى في نظام ولد عبد العزيز التائه بعد فاجعة "حادث آكني" نهاية 2015.
بعيداً عن الصورة اللا أخلاقية في زمكانية الزيارة؛ التي تأتي في بداية فصل الصيف الفصل الأصعب في الدورة السنوية لحياة سكان مقاطعة يعتمد أغلب ساكنتها على التنمية الحيوانية، وتعيش مأساة حقيقة في السنوات الأخيرة بعد الفيضانات التي تعرضت لها المدينة فجر الثامن من أغسطس 2007 وفشل الحكومات المتعاقبة في وضع سياسة جادة لانتشال السكان من صدمة وهول الكارثة، سيكون الحديث هنا عن خلفية المجموعات أو العناصر الثلاثة التي تكفلت باستقبال الوزير الأول للحديث عن التعديلات الدستورية في مقاطعة يصارع سكانها من أجل خدمات الحد الأدنى وفك لغز مصير المساعدات الدولية لإعمار المدينة.
عدو الأمس صديق اليوم تحت الإكراه الضريبي!
أول العناصر التي اعتمد عليها ولد حدمين في زيارته لمقاطعة الطينطان هو النائب السابق في حزب تواصل المعارض ورجل الأعمال المعروف الذي استسلم أخيراً لضغوط النظام، وأبدى استعداده للمشاركة في حملة التعديلات الدستورية التي ينوي النظام تنظيم الاستفتاء عليها في الأشهر المقبلة بعد عرقلة مسارها الأول من طرف مجلس الشيوخ.
الحراك السياسي الذي يقف خلفه النائب السابق ورجل الأعمال الغائب عن واجهة استقبال ولد حدمين ميدانياً جاء بعد أقل من سنة على قيام الأخير بالتشويش على مهرجان نظمه الأول في مقاطعة الطينطان يوم كان نائباً معارضاً تتحد ضده كل الأصوات الموالية للحد من فاعليته السياسية بالمقاطعة، قبل اكتشاف العصا السحرية المتمثلة في الضغط عن طريق الضرائب، والتي اثبت وصول مؤشرها إلى مبلغ 860 مليون أوقية أن "رأس المال جبان".
كما أكد التراجع عن تلك الضغوط بعد الانسجام مع "التوجيهات السامية والخطوات النيرة بقيادة صاحب الفخامة " أن شعار المنافسة الديمقراطية مجرد شعار وهمي من شعارات الديمقراطية الصورية في البلد المفضوحة بفعل التجاوزات الديكتاتورية المخجلة.
حلف صفقة طريق الحجارة القاتلة
يمثل حلف شيخ الطينطان العنصر الثاني من العناصر الثلاثة التي اعتمد عليها ولد حدمين في زيارته لمقاطعة الطينطان، ويعود ذلك الاعتماد إلى الاهتمام الكبير الذي يوليه الوزير الأول لشيخ المقاطعة المنسية بعد قيام الأخير قبل فترة بالإشراف على انسحاب مجموعة من حزب تواصل في بلدية الدَفعة وانضمامها لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية، بالإضافة لحجم الثقة بين الرجلين الناتجة عن حصول شيخ المقاطعة على صفقة ترتيب رصيف طريق الأمل بين مدخل المقاطعة وأحياء آكنانه بمساعدة من الوزير الأول.
الرصيف المذكور بات يشكل خطراً كبيراً على حياة السكان والمارة بسبب تناثر الحجارة بالقرب منه ومن المرجح أن تكون هناك علاقة كبيرة بين تلك الحجارة والحادث البشع الذي تعرضت له سيارة مجموعة هيئة الرحمة الخيرية نهاية العام 2015 وحوادث أخرى مشابهة دون أن يغير ذلك من الأمر شيئا.
المكانة السياسية والاقتصادية التي حصل عليها شيخ الطينطان في زمن ولد حدمين ربما تفسر اندفاعه وهجومه على رفاقه في مجلس الشيوخ بعد إسقاط التعديلات الدستورية من طرف الشيوخ قبل أن يتراجع عن تلك الحملة تحت ضغط التهديد برفع الحصانة.
"التنسيق الاجتماعي" المربح
تتميز سياسة ولد حدمين بالانفتاح الكبير على الفاعلين في مجال التنسيق الاجتماعي وإدماجهم في المشهد السياسي بهدف السيطرة على مصادر الخبر في المجتمع؛ الأمر الذي مكنه من تشكيل فريق سياسي جديد متغلغل في المجتمع وخصوصاً المجموعات النافذة سياسياً.
حصول أفراد من الفريق السياسي الجديد على صفقات مشبوهة بميزانيات ضخمة زاد قوة نفوذ الفريق ووسع مهامه التي كانت في الوقت القريب تختصر على النقل المباشر للمجالس الخاصة عبر الهاتف/الواتساب، وأصبحت الآن تشمل الحشد الميداني وتقديم الالتزامات وترتيب اللقاءات الثنائية بشقيها السياسي والاجتماعي تماماً كما حدث عندما قرر الوزير الأول التعبئة للتعديلات الدستورية من مقاطعة الطينطان مكملة بذلك العناصر الثلاثة التي اعتمد عليها ولد حدمين في زيارة للمقاطعة المنكوبة.