المعلومة منت الميداح 33 شيخا ليسوا مجرد أرقام

أربعاء, 2017-04-26 08:25

كلمات الشيخة و هي تداعب الآلة الموسيقية التي عالجت من خلالها آلام و مشاكل أمة بكاملها ردحا من الزمن لم ترقي للأغلبية و اعتبروها خروجا "لتكويت" عن خطهم و عصيان مدنيا خصوصا أنها تغني لتعزز تلك الخطوة التي أقدمت عليها عندما وضعت "لا" بخط عريض في صندوق من أرادوا تدجين مؤسسة تشريعية بمستوي مجلس الشيوخ رغم مساوئه و أخطائه وزلاته وعدم جدوائيته حسب المطالبين بحله.
 في النهاية يبقي مؤسسة منتخبة و تمثل جزءا معتبرا من الشعب الموريتاني الذي لا يستحق سوي أن ندوس عليه بالأحذية الخشنة، مجلس الشيوخ تعرض لهجمات متكررة من طرف كافة القوي الشعبية بما فيها الوزراء أنفسهم و الذين يمثلون الخطاب الرسمي للدولة وكانت آخرها تلك الوزيرة التي وصفتهم بمرتشين دون أن تدرك أن موريتانيا بلد صغير جدا و أن من يتهم الآخرين بذلك عليه مراجعة حساباته و احترام فارغ السن و التجربة و المكانة و الحصانة الدستورية التي يتمتع بهؤلاء.   
في كل بلدان العالم تبقي حرية التعبير مصانة و الرأي محترم حتي داخل الأحزاب السياسية التي تدعي الديمقراطية و تتفوه بشعارات ضرورة الاختلاف فذلك لا يفسد للود قضية، الشيخة المعلومة منت الميداح التي غادرت صفوف المعارضة بعد 21 سنة قضتها معارضتا فاعلة لنظام ولد الطايع من خلال حزب تكتل القوي الديمقراطية التي عملت في ظله حتي وصلت لرتب متقدمة في السلم الحزبي منتخبة و عضوه في المجلس الوطني للحزب ثم شيخه منتخبة في مجلس الشيوخ عن الحزب الذي خدمته لا من خلال أغانيها فقط بل من خلال ثقافتها الواسعة وفكرها النير و مدرستها النضالية التي تخرجت منها و هي سليلة أسرة فنية معروفة بمنطقة أترارزة في الجنوب الموريتاني، خرجت فجئتا من حزبها مرتمية في أحضان الحزب الحاكم وسط صخب إعلامي كبير من طرف الحزب الحاكم ومدونيه و كتابه و سدنه فكره معتبرين اقتناص المعلومة منت الميداح فوزا و ضربة لحزب التكتل ولرئيسه أحمد ولد داداه الذي أعتبر خروج السيدة خسارة للحزب لكنه خيار من مناضلة أحترم خيارتها طيلة هذه الفترة دون أن يدخل في التفاصيل، في وقت أعتبر فيه العديد من عشاق الفنانة و فنها خطوتها نحو النظام خطوة غير مبررة لكنها في النهاية خيار سياسي شخصي قد تدفع الفنانة ضريبته غالية يوما ما، هدنة الفنانة لم تطل طويلا فقد ظن الحزب الحاكم و بعض مناضليه أنهم بإمكانهم تطويع حنجرة الفنانة ووضعها في سياقهم الذي عنه يدافعون و إعادة صياغة تعاطيها مع الأمور من زاويتهم من أجل تمرير أجندتهم و تقديمها علي أن الفنانة ساقطة تقام من خلالها السهرات الفنية و المبادرات الداعمة في شقق تفرغ زينة لتثمين إنجازات و دعم خيار التعديل و الانقلاب علي زملائها الشيوخ مقابل امتيازات آنية لا يدرك جلهم أن مستوي العروض و الإغراءات الذي قدمه نظام ولد الطايع لها أكبر بكثير مما قدم لها النظام الحالي لكنها رفضت خصوصا أن أغانيها للمعارضة حينها أعطت نتائج معتبرة و جعلت العديد من الشباب ينخرطون في العمل السياسي المعارض فهي في جلها أغاني هادفة و موزونة و تتمتع بإيقاع فني متميز ومحترم لا تدعوا للعنف و تتحدث عن ضرورة التناوب و احترام الرأي و الخيار الأنسب، الفنانة تتخذ من الفن رسالة و فرمزيتها و تعاطيها مع أغانيها الوطنية الكبرى تشعر من خلالها أنها تدفع ضريبة الانتماء لوطن مظلوم يحتاج لكافة طاقاته وقدراته من أجل التصدي لظواهر الظلم التي يتعرض لها، و حسب واقعة المعلومة منت الميداح أو سهرتها التي عبرت فيها عن إرادتها و التي بموجبها تم طردها طواعية من الحزب الحاكم ، فإن قادم الأيام سيشهد تطورات خطيرة في التعبير عن الرأي و حسب المعطيات المتوفرة فإن اليد ستطول كل من يتصدي لأجندة التعديل و يبدوا أن البداية مع المعلومة منت الميداح و قد تشمل شخصيات وازنة أخري حسب المؤشرات وقد تأتي علي شكل ضرائب و فاتورة كهرباء وقريبا الماء و قد تشمل المصادرة حتي الأكسوجين فلا تستغربوا فالوضع أكثر تعقيدا في منظور من يدافعون عن التعديل فهم يدافعون عنه للحصول علي حاجيات أساسية و نحن ندافع عن عدم التعديل من أجل وطن و أمة قال تعالى‏:‏ ‏﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ﴾ 

بقلم : حمين سيدي أمعيبسكاتب صحفي/ناشط حقوقي