
تجسد المادة (38) من الدستور الموريتاني و التي وردت في صيغة العموم و الإطلاق قوة قانونية ضاربة تعكس بجلاء و وضوح الميزات الفائقة التي يمنحها النظام الرئاسي لمؤسسة رئاسة الجمهورية لقد سدت هذه المادة كل منافذ التأويل إلى حد صارت معه كل محاولة تحريف أو تحوير درب إسفاف موغل في السفاهة على الأقل من الناحية القانونية . إن دستور 20 يوليو 1991 فصله واضعوه على مقاس و هوى السلطة القائمة حينها , لقد كانوا على دراية تامة و وعي و يقين مما هم بصدده , نفس الأمر تكرر حين أتيحت الفرصة مرة ثانية في سانحة و منعرج غير مسبوقين لتلك النخب صاحبة الباع الطويل و الخبرة المشهودة في تكريس الأنظمة و تحنيطها , كان ذلك إبان فترة حكم المجلس الأعلى للعدالة و الديمقراطية . لقد أعادوا الكرة و لم يعدلوا من أحكام المادة (38) و أخواتها ربما لحاجة في نفس رئيس لم يقضيها , مكرها أخاك لا بطل . إن المتتبع للتعديلات السالفة لن يخطأ ملاحظة أن التعديل كان و في كل مرة يشكل فرصة للنخب القائمة على الشأن السياسي و القانوني في البلد لتضع مزيدا من الصلاحيات الدستورية بيد رئيس الجمهورية كي تخضع لسلطة نفوذه و بقوة القانون بقية السلطات الأخرى حتى تلك المنبثقة عن إرادة الشعب و شرعية الصناديق . إن من يحاولون اليوم - ساسة و فقهاء قانون - لفة الانتباه إلى أن هناك اختلال عظيم و هيمنة غير واردة للسلطة التنفيذية ممثلة في رئيس الجمهورية على بقية السلطات هم من أورثوا هذا النظام تلك القوانين و الأعراف الدستورية فقد اشرفوا على وضعها و حلفوا بالله جهد أيمانهم أنها قمة في التشريع المتماشي مع روح الديمقراطية التي يتعطش لها الشعب و لقد خاضوا الحملات الدعائية و لم يبخلوا في إقناع المواطن الناخب و سخروا كل الإمكانيات و الوقت و سابقوا الزمن لتمرير التعديلات تلك , إنها بضاعة وجدت في رحلهم , فهم اليوم مؤاخذون بما اقترفت قرائحهم . هنا تجدر الإشارة و الإشادة بان ميزة نظام الرئيس ولد عبد العزيز هي أن كل مبادراته لتعديل الدستور يحسب لها أنها أتت بعد حوار سياسي و بتالي جاءت بتحسينات على شكل و مضمون مؤسسات و نظم الممارسة الديمقراطية بل و أعطت جرعة منشطة لأداء المؤسسة التشريعية و لم تفرض جديدا من الصلاحيات للرئيس على حساب التوازن المفترض بين السلطات و فصلها , لان إرادة الرجل في طي صفحة الماضي السيئ قضت على طموحات البعض في إعادة عقارب الساعة وراءا إلى الزمن الذي طبعه الولاء مقابل السخاء . لقد استنفذ المنتدى أو الكشكول العارض المتعارض من ساسة هرمين و عسكر متقاعدين كل مفرداته المستجلبة من قاموس حركات سياسية فاشية فاشلة هوت ببلدانها إلى قاع سحيق مخلفة الدمار و الخراب . و قد آن الأوان لشيوخه أن يكفكفوا دموع الربيع الضائع و لشبابه أن يكفوا عن لعب دور المفعول بهم . إن موريتانيا اليوم مصممة على المضي قدما في مسار إعادة السلطة إلى الشعب و هي المهمة التي لم و لن يتخلى عنها نظام الرئيس ولد عبد العزيز بقلم : خونه ولد اسلمو