بمناسبة اليوم الدولي لحقوق الإنسان أصدر الناشط الحقوقي السالك ولد انل رئيس منسقية وعي و قضية لمناهضة العبودية بيانا مطولا، طالب فيه بإطلاق سراح سجناء إيرا الموقوفين في انواكشوط و روصو و اعتبر توقيفهم قرارا سياسيا، و قال إن هذه الذكرى تمر هذا العام على الشعب الموريتاني و هي ملآ بانتهاكات حقوق الإنسان التي طالت عمال الشركات الأمنية القادمين من ازويرات، و تنظيم أنا علمي... و اعتبر ما يقوم به النظام من انتهاكات و فساد و تقوقع، و رفض للحوار، و تسيير أحادي لشؤون البلد... هو ما يهدد الوحدة الوطنية، و اللحمة الاجتماعية، كما طالب بتحويل مفوضية حقوق الإنسان و العمل الإنساني و الدمج إلى مفوضية لمناهضة العبودية... و هذا نص البيان:
تمر بنا هذه الأيام ذكرى اليوم العالمي لحقوق الإنسان 10 ــ 12 ــ 2014، حبلى بالانتهاكات، و الظلم، و استشراء الفساد، و الممارسات الاستعبادية بكافة أشكالها، و خاصة منها العبودية الخدماتية، و العقارية، و التبعية الثقافية، و الاقتصادية...
لقد شكلت الاعتقالات التي طالت دعاة الحقوق في مسيرتهم ضد العبودية العقارية في ولاية اترارزة خرْقا فاضحا للاتفاقيات الدولية ــ في مجال حقوق الإنسان ــ التي صادقت عليها موريتانيا و انتهاكا واضحا للنظم و القوانين ــ المحلي منها و الدولي ــ المسيرة لهذه الحقوق، و انتكاسة للديمقراطية الموريتانية.
كما أن تدخل الأجهزة السياسية و الحكومية ــ و حتى القبلية ــ في سير الملف عملا مكشوفا و قضاء على استقلالية القضاء، و دَرَناً في سلامته..َ
كذلك منع عمال الشركات الأمنية في ازويرات من دخول العاصمة انواكشوط، و سجنهم في عراء مفتوح، يلتحفون سماءه، و يفترشون أرضه، و يجاورون أفاعيه، و يقاسون برده.. هو انتهاك لحق التنقل و التجول على عموم التراب الوطني، الذي ضُمِن لهم في كل القوانين و الأعراف و القيم..
إن انتشار البطالة بين الشباب عامة و حملة الشهادات العلمية خاصة، و سحل المتظاهرين سلميا المطالبين بالتشغيل.. و ضربهم على يد الشرطة "الوطنية" هو انتهاك صريح لحقوق الإنسان الضامنة للتظاهر السلمي و العمل..
كذلك عدم التجاوب السياسي و الحكومي مع الدعوات الحقوقية ــ التي يعتبر البعض أنها تهديد للوحدة الشرائحية و يسعى للمحافظة عليها أطول فترة ممكنة ــ هو أكبر ما يهدد "الوحدة الوطنية" إذا كانت هناك وحدة أو وطنية أصلا..
إن السفاح الفاضح بين رأس المال السياسي و القبلي، و الفلسفة الاستعلائية، و التسخير الإعلامي و الثقافي، و الحشد السياسي و الديني... الذي تمارسه السلطة و النظام السياسي القائم و أحلافه من القبليين.. هو وحدة الظلم و الظلام على مواطنين ضعفاء، كان حريا بالنظام تعليمهم ثقافة الحق و الواجب، و نشر ثقافة حقوق الإنسان بينهم، و هو ما يرفضه سدنة الظلم و الخيلاء في مجتمعنا...
إن اعتبار كل دعوة حقوقية أو سياسية "تطرفا" و "خطرا" علـــى "الوحدة الوطنية".. هو التطرف عينه، و مسٌّ من "الأمن الأجتماعي".. فمصادرة الرأي، و عدم الاستماع له، و شيطنة أصحابه، و تأليب الرأي العام الوطني و الدولي ضدهم.. سياسة رجعية، انتهجتها الأنظمة القبلية الديكتاتورية في العقود السابقة، و لم تعد صالحة لزماننا و مرفوضة رفضا باتا..
إن النظام الذي يدشن السجون، و يفتحها أمام المخالفين له و يزج بهم فيها ــ لتصفيتهم أو تطويعهم أو تخويفهم ــ هو نظام فاشي بوليسي. يحاول أن يظهر ممارساته البوليسية التعسفية بمظهر الخائف على اللحمة الاجتماعية و المكتسبات الديمقراطية.. في حين هو "قَمْلتْ لقطيفة أَلِّ إِتْعظْ و لا إتْبانْ".. و هو أكثر ما يهدد التعايش السلمي الاجتماعي، و قد سرق يوما مكتسبات الشعب الديمقراطية و أسس بداية لـ"لثورة المضادة" التي عرفت طريقها فيما بعد إلى الثورات الشعبية العربية، حين انقلب الجنرالات عندهم.. تأسيا بانقلاب جنرالنا.
إن النظام العسكري الذي رفع شعار محاربة المفسدين يوما، حري به مكافحة الفساد الذي ينخر جسمه من أول يوم و هو ما لن يتحقق لأنه "إذا كان رب البيت للدف ضاربا..."
على الرأي العام الوطني الاطمئنان على وحدته و تعايشه بعيدا عن تخويف النظام و أزلامه ، و عليه السعي لبناء دولة الحرية و الإنصاف التي يسودها العدل و القانون باعتبارهما أهم ركائز المجتمع المدني .. و على النظام:
1 ــ إطلاق سراح السجناء الحقوقيين و الموقوفين سياسيا في كل من روصو و انواكشوط.
2 ــ عدم التدخل لدى السلطات القضائية للتأثير على سير لعمل القضائي و الملفات المعروضة على القضاء مهما كانت معارضة أصحابها للنظام السياسي، و ذلك لأجل ضمان استقلاليته.
3 ــ إطلاق حوار جاد و ملزم مع كافة المنظمات الحقوقية و الأحزاب السياسية و العلماء، و عدم الاحتماء خلف الانجازات الوهمية، و التي لا تعدو كونها ذرا للرماد في العيون.
4 ــ إطلاق حملات تحسيسية حول خطورة ظاهرة العبودية بأنواعها، و ما يشكله ممارسوها من خطر على النسيج الاجتماعي و "الوحدة الوطنية" و ما تسببه من إعاقة دائمة للتنمية..
5 ــ على النظام العدول عن سياسة النعامة، و التدجين الإعلامي، و اللعب على وتر الشرائح، و تصوير سعيها لنيل حقوقها سعيا للعنف و الأنتقام، و تأجيج الشارع، و تخويفه على انسجامه و تعايشه.. فما يجمعه أكثر مما يفرقه..
6 ــ تحويل "مفوضية حقوق الإنسان".. إلى مفوضية لمحاربة العبودية.. و ضمان استقلاليتها، و عدم التدخل في عملها، و عدم توجيهها لخدمة ملاك العبيد. كما حدث مع وكالة التضامن ذات الأسماء المتغيرة.