يثير الخطاب الحقوقي في موريتانيا جدلاإعلاميا بين من يعتبره مشروعا ومبررا بكل المقاييس إذا ما وضعنا في الاعتبار ما عاشه المجتمع ولازال يعيشه من تهميش وظلم وعنصرية ،ومن يراه ضربا من العنصرية هدفه تفكيك النسيج الاجتماعي وضربا للوحدة الوطنية عرض الحائط أو أنه مجرد آلية جديدة للكسب لدى البعض عن طريق التخف
وراء شعارات مزيفة باسم حقوق الإنسان من قبيل الدفاع عن العبودية والنداء بحقوق لمعلمين والمطالبة برفع الظلم عن مختلف الشرائح ،فبين هذا الرأي وذاك أردت أن أقدم وجهة نظري المتواضعة حول هذه الأطروحات سابقة الذكر،فلاشك أن أي إنسان صادق مع نفسه ويقرأ الواقع برؤية فاحصة وروح موضوعية سيقر لا شك أن ما يسمى الآن بالنضال الحقوقي أمر طبيعي ودليل ساطع على ازدهار الوعي لدى المجتمع و استشعاره بضرورة زوال الظلم وتزييف الحقائق وإرساء العدالة الاجتماعية وأن عهد استغلال الإنسان لأخيه الإنسان قد ولى بلا رجعة ،إلا أنه للأسف نرى مقابل ذلك شيطنة كل من ينصب نفسه للدفاع عن حقوق المستضعفين ورميه بمختلف الأوصاف التي لا تليق (عميل – عنصري ...الخ) وهذا في الحقيقة أمر لا فائدة ترجى من ورائه وإنما يزيد الطينة بلة و قد يولد ردود فعل عكسية قد لا تحمد عقباها .
علينا أن نطرح قبل ذلك الأسئلة التالية :لماذا هذه الحركات الحقوقية تتنامى بشكل سريع مقارنة مع الماضي؟وماهو الدافع الأساسي ورائها:أهو جهات خارجية هدفها زعزعة أمننا كما يحلو للكثيرين قول ذلك؟أم هو غيرة على واقع المجتمع وتلبية لنداء هذا الواقع المتناقض والمظلم الذي يعيشه المجتمع من جهة وإصغاء لأنات المستضعفين؟
إن عجز الدولة عن إذابة الفوارق الاجتماعية وتقويض التراتبية الاجتماعية القديمة والفشل في خلق مجتمع يؤمن أفراده بفكرة المواطنة ويتخذون من الوطن مرجعية مشتركة وتكريسها بدل ذلك لما يسمى بالمجتمع القديم :هو الخلل الذي ولد لدى الكثيرين ردود أفعال عكسية تمثلت أحيانا في ظهور حركات حقوقية راديكالية وأخرى معتدلة كل حسب إيمانه بقضيته وبناء على رقبته الجارفة في التغيير سبيلا إلى تضييق الخناق على الدولة علها تستجيب للمطالب الملحة وتعيد الاعتبار للقضايا الحساسة التي تشل عجلة التنمية كالعبودية والعنصرية والقبلية،كل ذلك جعل هذه الحركات توصف بالمتطرفة غير أنه من الضروري الفهم قبل كل شيءأن ظاهرة التطرف ليست ظاهرة لا واعية كما يصنفها البعض بل إنها لا تعدو كونها مرحلة من التصعيد نتيجة السأم إزاء الواقع المرضي الذي يعيشه المجتمع قصد الثورة عليه ،كما أنه ينبغي أن لا نتجاوز أيضا الإعلام الذي أضحى يكتب عن الحقوقيين كيف ما شاء ويعطي في الغالب صورة مغلوطة عن النضال الحقوقي بطريقة مقصودة أو غير مقصودة وآية ذلك أنك ترى أن الصورة النمطية للحقوقي في معظم الإعلام الموريتاني هي كونه شخص متطرف أو عنصري أوعميل هذا فضلا عن تغييب بعض الحقائق أو التكتم عليها.
إن تنامي ظاهرة الحركات الحقوقية هو تعبير صادق عن مرحلة من الوعي بدأت تلوح بوادرها وتومض في كل رقعة جغرافية رغم المحاولات الجادة لإخمادها وآية ذلك أننا عندما نطرح مشكلة العبودية والتهميش، إذا بأشخاص "مخلصين" يتهموننا بالعنصرية فما بال أولئك وغيرهم يقفون دوما حجر عثر أمام الدفاع عن القضايا العامة وحقوق الإنسان أليست هذه الأخيرة جزء لا يتجزأ من كينونة الإنسان بحيث لا يمكنه التخلي عن الدفاع عنها لحظة واحدة في حياته