لم يعد في الأمر سر، أن موريتانيا باتت تسير بخطى متسارعة نحو الانهيار، بل إن كينونتها كبلد أصبحت مهددة بفعل عزوف الوزير الأول يحيى ولد حدمين عن تحمل الأمانة التي كلفه بها رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز، وتكثيف جهوده وموارد الدولة نحو صيانة مكتسباته الشخصية والتي يرى أن مقعد الوزير الأول جزء منها.
شخصنة للمنصب كلفت الدولة الموريتانية ثمنا باهظا، لم يعد بوسع أي كان – مواليا أم معارضا- السكوت عنه أو عليه...
فقد تحولت الحكومة من مؤتمن على مصالح الشعب إلى كتل متصارعة، فأصيبت مصالح الشعب المسكين بالشلل...
وأصبحت الإدارة مختبرا لقياس حجم الولاءات الضيقة، فسارت الدولة باتجاه الفساد الاقتصادي والاجتماعي والأخلاقي...
وأدار مصالح الأمة من لا يدرك حجم معاناتها، بمشورة من لا يهمه إلا سلب مواردها، فاتجهت نحو الخراب مآلا...
وقزمت مشاكل الأمة كلها لتصبح مشكلة شخص يرغب بالديمومة في مقعده الوزاري الأول، فذهبت هيبة الدولة في مهب الريح...
وانهارت المنظومة القيمية فتفرق المجتمع إلى أعراق وفئات يبحث كل منها عن مصالحه الضيقة...
وانهارت المنظومة الدينية لتعيش الدولة موجة إلحاد لم يسبق لها مثيل في تاريخها المعاصر...
وانهارت المنظومة الأخلاقية لتصبح الرذيلة والانحلال مرجعيتان أساسيتان للكسب المادي...
وانهارت المنظومة الأمنية لتصبح جرائم القتل والاغتصاب مجرد أحاديث للتسلية الصباحية...
وانهارت المنظومة الاقتصادية ليختنق ذوو الدخل المحدود وتسجل وفيات في القرى والمناطق النائية جراء سوء التغذية...
وانهارت المنظومة السياسية ليتحول النقاش الفكري المتحضر إلى نقاش تافه ومشخصن...
سلسلة إخفاقات لا ينكرها إلا مكابر أو منافق، قد تقتل – لو استمر في التمادي في تجاهلها- آخر أمل لموريتانيا في بقاء الجمهورية الإسلامية الموريتانية على خارطة العالم...
قد نصحت لكم إن كنتم تحبون الناصحين..
بادو ولد محمد فال امصبوع