لا شك أن تبني المرأة للقضايا العادلة ومساهمتها الجادة في تنشئة الأطفال من أسباب نهوض المجتمعات والدول بشكل عام، لأن المرأة نصف المجتمع وإذا كان نصف المجتمع يتوارى خلف جدار التخلف والجهل فإن ذلك المجتمع كتب عليه الفشل وسوء الحال.
الحرطانية والقضية هو عنوان لفت انتباهي على موقع الفيس بوك، وطالعت بعض كتابات الفتيات اللاتي تبنين الشعار والمبادرة، ومن بعدهم بعض الشباب ممن يكثرون الحديث عن شريحة لحراطين والعبودية والبيظان والعنصرية.
يقول هؤلاء نساءا ورجالا إن من أهداف الحراك توعية المرأة الحرطانية وتفهيمها للقضية والنضال.
هذا العنوان دفعني إلى كتابة هذه الكلمات بعدما قرأت منشورات لبعضهن وبعضهم على نفس العنوان.
11: المرأة الحرطانية لطالما كانت مناضلة رغم جهلها وفقرها، فهي التي باعت الكسكس لكي نتعلم، هي التي عملت في المنازل لكي نتعلم... لقد أدركت جليا أن الجهل مرتعه وخيم، وتعلمت من تجربتها مع عدم التعلم، ولطالما كانت قضيتها الأولى تنشئة الأبناء على أكمل وجه.
22: إذا كانت المرأة في شريحة لحراطين تعاني من الفقر والجهل وهي فعلا كذلك لكن المرأة في شريحة البيظان والمرأة في الزنوج ليست أحسن حالا بكثير.
إذا تكلمنا عن الزواج المبكر وعن التسرب المدرسي وعن نسبة الأمية.
أكثر شيء لفت انتباهي في هذه القضية هو إرجاع كل مشكلة تعاني منها شريحة لحراطين إلى ا لعنصرية وشريحة البيظان، وهنا سأطرح عليكم بعض الأسئلة:
كلنا نعرف أن تعليم المرأة لم يكن محببا لدى المجتمع وحتى تعليم الرجل ال مدرسي لم يكن كذلك، وكلنا نعرف أن مخلفات العبودية والعبودية نفسها منعت الحرطانية من التعلم في وقت معين.
لكن ما هو سبب عدم اهتمام الأجيال الأخيرة بالتعلم خصوصا الفتيات ، أنا أقول لكم..
التعليم هو آخر شيئ تفكر فيه الغالبية العظمى من الفتيات في المجتمع الموريتاني عامة، فالزواج عندهن يسمى "الباكلوريا" ومشاهدة حلقة من مسلسل مكسيكسي أو تركي خير عندهن من شرح درس العلوم أو الرياضيات أو العربية، كل ذلك يضاف إلى الوسائط الجديدة الفيس بوك والوات ساب.
إن من أكبر الأخطاء التي يقع فيها من يريد إصلاح المجتمع أن يجعل حراكه شرائحيا أو جهويا، والأكبر من ذلك أن يبدأ العمل بدون تشخيص سبب الظاهرة وطرق محاربتها.
المناضلة آمنة منت المختار عندما بدأت نضالها لم تسمي منظمتها معيلات أسر البيظان رغم أن هناك نسوة في شريحتها بحاجة إليها، وهي الآن أكثر شيء تقدمه في عملها تقدمه للنساء من شريحة لحراطين.
البداية الصحيحة هي أساس كل شيئ، أتفهم جدا الأفكار التي تأتي تلقائيا ويتبعها أصحابها لكن العاقل من يتريث ويبني على أساس متين ولا يعتمد على قوة العاطفة.
إن جل من يقفون معكم من شباب الشريحة ورغم صدق نوايا بعضهم إلا أن البعض الآخر أقصى أقصى طموحهم لا يتعدى موعدا مع إحداكن واسألن من يعرفهم.
لكي تنجحن وتتقدمن ارفعوا سقف طموحكن واعملن على إشراك الجميع، فإن هذه التجربة أثبتت فشلها في عام سابق، واعلمن أن التوعية لا تكون على مواقع التواصل الاجتماعي..
وإذا أردتن النجاح ابدأن أولا بمحيطكن وأهلكن وغيرن من واقعهم ثم انطلقن إلى الجار والمعارف.
الصحفي السالك عبد الله زيد