أدعو إلى 5 اعترافات... على هامش النقاش حول موضوع "العبودية":
1- الاعتراف صراحة بأنّ لحراطين فئة عربية مسلمة أصيلة و ذات ثقل كبير عاشت معظم حياتها مهمشة و معزولة عن المجرى الرئيسي للثقافة العامة و التنمية ، ما جعلها تشعر بالحرمان و تحس بالغبن الاجتماعي. و قد توافرت لديها كلّ المعطيات و الظروف الموضوعية [داخليا و خارجيا] لترتفع أصواتها مطالبة بالخدمات الأساسية و المساواة تعبيرا عن تظلمات و احتقانات اعْتمَلت في أعماق صفوفها ، و تبلورت في عقول المثقفين من أبنائها و في عقول الخيّرين من أبناء الوطن كافة...و بالتالي ، ينبغي التعاملُ مع "إيرا" الحالية و "الإيرات" المستقبلية بتفتح و عقلانية و سعة صدر.
2- الاعتراف بالمظالم التنموية و الخدمية التي تعرّضت لها هذه الشريحة عبر التاريخ ، و مواصلة الجهود بحزم وعزم عبر مبادرات مُبْتكرة و سياسات تَـفْـضِيـلِيّة لتوفير الخدمات الأساسية لسكان "آدوابه" و أحياء الصفيح ، و انتشالهم من الفقر و الهشاشة و الإقصاء. أقول مواصلة العمل لأن العمل قد بدأ "هاكْ" من خلال فتح المدارس ، و بناء المراكز الصحية ، و فكّ العزلة ، و برامج محاربة الفقر ، و إذكاء روح المشاركة في الشأن العام... أدري أنّهُ عمل متواضع حتى الآن و دون المستوى المرجو، و لكنه خطوة في الاتجاه الصحيح.
3- الاعتراف بوجود استعلاء ثقافي وعرقي لدى البيظان شكّل عنوانا سيئا في مفردات الخطاب و السلوك الاجتماعي طيلة قرون ، مع أنّهُ لا يستندُ إلى شيء. لا يستندُ إلى عقل ، و لا يستندُ إلى دِين ، و لا دُنيا. و اليوم ، فإن المصلحة العامة تدعو الجميع إلى القيام بثورة حقيقية على تلك العقليات ، و العمل على تحقيق الانصهار و الاندماج في بعضنا البعض. و في هذا الاطار، يتعيّن على البيظان التكفير عن ذلك الاستعلاء أو التّكبُر ، و الاقلاع عنهُ فوْرا. كما يتطلّعُ الجميع إلى أنْ يتحرّر لحراطين شيئا فشيئا من ذلك الإحساس الزائد بالاضطهاد و الإقصاء الذي سكنهم لعقود ، ليحلّ محلّه إحساس أكثر إيجابية بالمشاركة و المسؤولية.
4- الاعتراف بأنّ لحراطين اليوم باتوا قوة وطنية كبرى و طرفٌ حاضرٌ في أعلى مستويات الدولة...قوة تحظى برئاسة مؤسسات دستورية مهمة ، و تفوز بمئات المقاعد في البلديات و البرلمان ، و تقود وزارات و نقابات و اتحادات و هيئات مدنية مؤثرة... كما أنّ الظفر بمنصب رئيس الجمهورية في مُتناول يدها متى استطاع الشعب الموريتاني التعبير عن إرادته الحرّة... وعلى هذا الأساس يجبُ على قادة الرأي و الوجهاء و النشطاء من كلّ الشرائح و الفئات ، التّرفع إلى مستوى المسؤولية عن الوطن ككل و العمل على بناء الثقة و المصالحة و الوحدة.
5- الاعتراف بميثاق إعلامي يحرّم و يجرّم العبارات و المفردات و الإيماءات و الإيحاءات العنصرية و مفردات الكراهية و تحقير الآخر ، و تنقية المناهج التعليمية من ذلك كله على أن يتضمن البرنامج المدرسي في جل مستوياته مادة عن مساوئ و مضار العبودية و العنصرية و أسبابها و أشكالها و دواعيها مع غرس قيّم الأخوة و التضامن. و في هذا السياق ، ينبغي تشجيع علاقات الإخاء و التوادُد و التراحُم التي آلت إليها فى الغالب رابطة البيظان بالأرقاء السابقين اعتبارا لحاجة كل منها فى الآخر. و هي العلاقات الطيبة التي بدأ المجتمع ينتظم عليها و يعيد بناء نفسه [لو أنّ السياسيّين منحوهُ العافية].