عرفتُ محمد ولد عبدي ولد اكبَيْكِيبْ منذ أكثر من عقد من الزمن جمعتني وإياه مجالات السياسة وجغرافيا الجوار؛ فعرفتُ رجلا دمث الأخلاق؛ عفيف اللسان؛ مبتسم الثغر؛ صبورا جادّا مسؤولا مشّاءً إلى المسجد؛ عرفتُ محمد أخا كريما؛ وجارا محبّا للخير وبارًا بأمه التي سبقته للرحيل بفترة قليلة .. عرفته متواضعا شهد له كثر بالصدق والشجاعة والبذل.
فجأة ودون سابق إنذار نعاه الناعي ضحى اليوم إثر حادث سير على طريق اگجوجت؛ فكنتُ ضمن المودّعين الكثر؛ عشت لحظات توديع الأبناء لأبيهم والأخوات لأخيهم.. دموع انهمرت وكبد تصدّعت للوعة الفراق وفجائيته؛ كان هنالك في مسجد أبي طلحة بالرابع والعشرين أطفال الراحل وهم في عمر الزهور ومن بينهم من حفظ القرآن الكريم ولمّا يبلغ سن الرشد.. تلك تربية محمد
من مرارة القدر أن نفس المشهد عشته قبل سنوات ذات ليلة لرفيق آخر لمحمد؛ انه الأخ الفاضل الكريم محمد ولد السالك رحمه الله؛ كان ذلك في نفس المكان؛ أوجه كثيرة حضرت ذلك المشهد كانت هناك اليوم ستغيب ذات يوم .. وأخرى غابت بعد أن حضرت مشاهد أخرى ..
ساقت الأقدار الموكب الجنائزي إلي لحد شُقّ على بعد أمتار قليلة من قبرَيْ والديّ المتجاورين المختار والنّانه رحمهما الله؛ رغم فارق زمني بين وفاتهما حوالي خمس سنوات؛ وفارق زمني يناهز العقدين بين وفاة آخرهما ووفاة محمد اليوم؛ فبعث الشجى الشجى المنبعث أصلا ...
وُريَ محمد الثرى لتطوى صفحة أخرى ضمن كتاب الفناء المحتوم؛ ترك الرجل تلك الابتسامة وتيك الأخلاق؛ .. خلال تشييع الجنازة ومراسيم الدفن وبعد العودة وأثناء التعزية .. إلى الآن تلاحقني صور الأخ محمد وكلماته الطيبة التي يقابلني بها عند كل لقاء ..
ليتني كنت أعلم قرب رحيله لأودعه بجزء مما يستحق عند آخر لقاء جمعني وإياه قبل أيام. ليتنا نستطيع إرجاع ما مضى من الفقد ولو لثوان .. ليتنا نوفق دائما في معاملة الأحبة والجيران والأهل والوالدين والأبناء وغيرهم بما يستحقون علينا قبل أن نغادرهم أو يغادرونا
وداعا يا محمد أو إلى اللقاء يا محمد في جنات الخلد إن شاء الله؛ وغفر الله لك ولوالدينا ولنا ولجميع موتى المسلمين .. وبارك الله في خلفك وأهلك وألهمهم الصبر والسلوان ..
عليك سلام الله قدمًا فإنني / رأيت الكريم الحرّ ليس له عمْرُ
إنا لله وإنا إليه راجعون
نقلا من صفحة المدون محمد الامين ولد سيدي مولود