إذا كانت الوحدة الوطنية في القاموس السياسي تعني : " اتحاد مجموعة من البشر في الدين ، والاقتصاد ، والاجتماع ، والتاريخ في مكان واحد ، وتحت راية حكم واحدة . فهل يمكننا أن نلمس هذه المقومات في وطننا ؟!
قد يعتقد الكثير من الناس أن الوحدة الوطنية تعني كثرة العدد ، بَــيْـدَ أن ذلك قد " لَا يسمن ولا يغني من جوع " ، بل لابد من توفر العلم ، والدين الإسلامي ، مع الإستفادة من العلوم والتكنلوجيا ، والصناعات المتطورة ، التي تجعل وطنا ما ، من الأوطان ، يدخل التاريخ من بابه الواسع حتى يلتحق بمصاف الدول والأمم المتقدمة ، مع التمسك بقيم التسامح ، والقيم الخالدة أليس الدين يجمعنا ، ولله الحمد ، وهو من أهم الروابط التي تجمع بين المسلمين .
وبعد وحدة الدين ، تأتي الوحدة الوطنية ، التي ستقربنا من بعض ، والتي ستشيد هذا البناء الفخم الذي نريد إعادة تأسيسه .
فلا النظريات الجوفاء ، ولا الأفكار العمياء ، هي التي تبني صرح الوحدة الوطنية .ل إن الله جل جلاله يقول : " واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا " .
فالحفاظ على الوحدة يقتضي منا حفظ الوطن من كل ما شأنه أن يدنسه ، ويجعله عرضة للتمزق والتفرق ،حتى لايكون ألعوبة بين أنياب ، وأيدي المفسدين ، والعابثين من "ذئاب الشر" من كل البشر .
فيا حبذا لوتصالحنا مع ذواتنا ، وأذبْـنا كل الفوارق الإجتماعية ، التي تعيق الرقي ، ونكسر الحواجز الوهمية التي توقف نمو البلاد .
فهل يمكن تصور وحدة وطنية ، دون نشر ثقافة المحبة ، والألفة ، بين أبناء الوطن الواحد. ولا بد - زيادة على ذلك - من نبذ العنف والشقاق والخلاف وردء الصدع ورد الإعتبار إلى المهمشين من ابناء جلدتنا .
فهل يمكن تصور وحدة وطنية بدون وجود لغة المحبة ، " لغة الضاد " ، فلا وحدة دون تسامح ، ولا تسامح دون ترابط ولا ترابط دون تسامح و تكاتف وتعاون ، علينا أن نستفيد من أخطاء الماضي وننظر إلى المستقبل ، ولا ننكأ الجراح ، ولا نثير الشحناء وولا نذكي النعرات القبلية والجهوية مع الاعتراف بحق كل فرد في الحياة .
ولابد من الاعتراف بأن الله بعثنا مبشرين ولسنا منفرين. وأن شعارنا الدعوة إلى سبيل ربنا بالحكمة والموعظة الحسنة : " وادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة " .
وهل يمكن أن نتفاهم بدون أن ننشر لغة الحوار بيننا كأفراد وجماعات ، وأن نتعلم ابجدياتها.
كما تعتبر مساهمة المواطن في بناء الوطن أمرا ضروريا كذا المشاركة في تطويره وبنائه لأن الوطن هو مصدر سعادته ومصدر فرحه استقراره ، كما تظهر المواطنة الصالحة من خلال حوص المواطن على أمن واستقرار وطنه الفكري والاقتصادي والاجتماعي و السياسي ، ومن اعظم مقومات الوحدة الوطنية حبنا لوطننا حبا عميقا ، وإن كان هذا الحب عفويا وفطريا فلنفاخر بوطننا .
وتنمو الوحدة الوطنية من خلال وضع استيراتجيات وخطط تنموية بشرية واقتصادية من خلال الكثير من الطرق التي من أهمها :
أولا / دور الآباء : تعتبر التنشئة الصحيحة والتربية السليمة للنشء من أهم مقومات ودعائم الوحدة الوطنية ، من خلال زرع القيم الدينية التي تتفرع منها التربية المدنية ، ثم "التربية الوطنية" - إن صح التعبير - ابتداء من تعلم القرءان وانتهاء بحفظ النشيد الوطني .
ثانيا/ دور المدرسة : تعتبر المدرسة هي البيت الثاني للطفل ، يرتضع منها المعرفة ، ويتعرف من خلالها على وطنه، حتى يتولد لديه شعور بالإنتماء له ، فيقرأ الكتب المدرسية عن الوطن والوطنية ، وفي هذا الاطار يجب مراجعة الكتب المدرسية حتى تواكب فقه الواقع ، وتصل إلى حلول جذرية لمشاكل الشباب ، الذين هم وقود الأمة ، ورأس مالها ، بل هم ثروتها،فتشحذ هممهم وتحبب إليهم وطنهم ، وتذكرهم بانجازاته ، حتى يتشبثوا بقيم المواطنة ، ويتذوقوا لذة الانتماء إليه حقا .
ويلعب تاريخ المقاومة الوطنية ، ورجالها دورا بارزا في هذا الشأن ، أولئك الرجال الذين قدموا أنفسهم عطاء سخيا ، في سبيل الله ثم في سبيل الوطن ، والذين لولاهم - بعد رحمة الله – لبقينا عبيدا للمستعمر طول العمر طول الحياة .
كل هذه الأمور مجتمعة يمكن أن ترسم لوحة متكاملة العناصر ، عن الوحدة الوطنية ، لهذا الشعب الذي كاد يقضي عليه التفرق والتشتت وحب المصالح الضيقة .
د / دداه بن الدي .17/01/2016