وعندما أتكلم عن الحركة الزنجيةالموريتانية فمن المنطق جدا والمنهج العلمي أن أعطي لمحة تاريخية خاطفة عن نقيضتها الحركة الزنجية العالمية و سأسردها في إيجاز شديد:
بدأت الحركة الزنجية في نيويورك عام 1919م وأطلق عليها (حركة الزنوج النهضوية) وامتد نشاطها إلى باريس بهدف ابراز النتاج الفكري ، فنشرت روايات وقصائد
"التي أسسها رنيه ماران سنة عام 1929 مLa Revue du Monde noir في مجلة
وقد كانت بمثابة أول مائدة تجمع الاديبان الامريكيان الملونان: كاونتي كَلن و لانغستن هيوز
قبل أن يلتحق بالركب كل من ايتييون ايرو داماس من غويانا و إيتيين ليرو من جزر المارتينيك و الأديب الافريقي ليوبولد سيدار سِنغور و الأديب إيميه سيزير و للأمانة فإن الحركة لم تؤتي أكلها إلا بعد الحرب العالمية الثانية حيث نشطت بشكل و اسع وذلك تمثل في توسيع رقعتها الكفاحية ضد الاستعمار الغاشم و الامبريالية الغربية حيث وصل الفكر الزنجي إلى أمريكا الجنوبية وهايتي وجزر الأنتيل وآسيا , ويرجع الفضل في ذلك لمبادرة المفكرين الفرنسيين سارتر ومونييه المتمثلة في فكرة انشاء مجلة"الاستوائيات"في جزر المارتنيك 1941م وكذلك لقد ساهما كتاب سنغور «ديوان الشعر الزنجي والمدغشقري الناطق باللغة الفرنسية ومجلة «حضور إفريقي» التي أسسها عليون جوب ساهما مساهمة كبيرة في لفت الانتباه و شد الرجل الافريقي إلى قضيته وتبنيها رغم أن مصدرها بعيدا عنه في باريس وقد كان إصدار منشور «الدفاع الشرعي»هو الشعلة التي أضاءت الفكر الناقد وسط المجتمع الطلابي في باريس حيث تطرق منشور الدفاع الشرعي للمشاكل السياسية والثقافية و العرقية للزنوج مبرزا المأساة مما يتمخض عن ذلك صحيفة «الطالب الأسود» حيث سيبرز الخطاب الزنجي في فكرتين: نقد النظام الاستعماري و دفاع الزنجي عن ذاتهو سيتجنب الكثير من الأدباء الافارقة أستخدام كلمة الزنوجة التي تحمل في منظورهم مدلولا عرقيا و لكن الكلمة أوردها سيزير في بغموض في منشوره «العودة إلى مسقط الرأس»1939م ثم عرفها 1961م بعد أن أأصبحت شعارا يقول سيزير: «الزنوجة هي أن يتقبل الأسود ببساطة واقعهوتاريخه» وقد شملت الحركة الكثير من المفكرين العالميين وشعراء كبار من آسيا و أمريكا و كل دول غفريقيا وخاصة السودان فقد انتجت الشاعر العظيم الفيتوري و الأديب الطيب صالح حيث انتصر للأفرقة في كتابه موسم الهجرة .وحدت الحركة المفكرين الأفارقة حيث كانت باريس السوربون أول محطة فكرية 1956م و روما ايطاليا ثاني محطة 1959م ومنذ ذلك اصبحت كلمة الزنوجة مردفة للحرية و الدفاع عن القضية الزنجية , ولكن الحركة الزنجية ستبدأ بالاختفاء بعد الاستقلال فلم تعد الشعوب الافريقية تحركها الخطابات الحماسية ولم يعد بمقدورها مواصلة خوض معركة عرقية وهمية جديدة و ما عاد لمروجي الفكرة ما يقدموه سوى النظريات في ظل عالم تغيرت خارطته الجيوسياسية . فالزنجي لم يعد في موقع الدفاع عن ذاته بل تجاوزه للبحث عن العدالة و الحقيقة وقد حملت في النعش فكرة الزنجية سنة 1961م 1972م بعد مقال مونغو بيتي «الاستيلاء على الكاميرون» كما نشر أليوم فانتوري رواية «دائرة الاستوائيات»تحدث فيها عن الآثار الاجتماعية والسياسية للانقلابات العسكريةو أصبحت فكرة الزنوجة من التراث لا أكثر,بينما حلت محلها الافريقانية ,وهكذا بعد الاستقلال أصيب الافريقي بخيبة أمل تزايدت مع الأيام ولم يعد سوى الافريقانية ملجأ أكثر اقناعا,..
والأديب سنغور المدافع الوحيد عن الزنوجة قال : لقد انقسمت إلى ثلاثة « واحدة وجدت نفسها غريبة عن جو الحي اللاتيني في باريس فامتنعت عن الكتابة وغرقت في براثن العمل، والثانية التزمت الصمت نتيجة القمع الذي مارسته السلطة، وأخرى تنقلت في أوربا وأمريكا باسم الزنوجة التي اكتسبت منها صفة الغرابة والطابع الإفريقي »إن ظهور تيار فكري جديد هو أكثر قوة، لأنه نشط في إفريقيا وليس في المنفى، تيار جسده الكاميروني" مارشن تووا " في كتابه «دراسة حول الإشكالية الفلسفية في إفريقيا الحالية» وإذا فقدت كلمة الزنوجة اليوم إيديولوجيتها السياسية بسبب التجاوزات واحتلت مكانها كلمات أخرى مثل الأفريقانية أو وحدة الشعوب الإفريقية, ولم تعد الكلمة أياً كانت تقنع أحداً، سواء بين المفكرين الشباب أو الشعوب الإفريقيةو قد دافع الدكتاتور معمر القذافي بشدة عن الافرقانية ... شهادة للتاريخ،أما الآن فالكل يبحث عن حلول ملموسة لا عن نظريات، وأرجوا أن يبدع متزنجونا الجدد نظرية لا تلك التي فشلت وتخلى عنها أهلها و نحن لسنا مختبر لتجريب النظريات الفاشلة و ضخ دماء جديدة في نعوش وجثث متعفة.
الآن وقد أصبحت أخي العزيز على صورة شبه كاملة عن تاريخ الحركة الزنجية العالمية والتي لا تمت بصلة لا من قريب ولا من بعيد للحركة الزنجية في موريتانيا أطلب منك العودة معا و بتوءدة إلى جحيم التزنيج الحرطاني
يتواصل........
في الحلقة (3-4) ماقدمه البيظان للحراطين مقابل ماقدمه الزنوج (الوولوف, البولار.والسونينكى) وبالأرقام والأسماء.... أصبر فالصبر جميل