يعتبر التعليم أهم القطاعات الوزارية في كل بلد، ولذلك تحرص الدول عادة على منح حقيبة التعليم لأحد أبناء القطاع، العارفين بخباياه، المتمرسين في الساحة التربوية، وغالبا ما يكون وزراء التعليم إما معلمين، أو أساتذة، أو مفتشين، أو خبراء تربويين، فأهل مكة أدرى بشعابها، وقطاع التعليم حساس للغاية، ولا يمكن أن يديره من لا دراية له بالحقل التربوي. في موريتانيا يتربع الوزير با عثمان على وزارة التهذيب منذ فترة، والرجل لا عهد له بهذا القطاع، وهو ما ولد أزمات خانقة، صامتة، تنخر التعليم، حيث تعيش وزارة التهذيب الوطني في موريتانيا حالة من الاحتقان الشديد، بفعل ممارسات الوزير با عثمان، ومن أبرز مظاهر الاختلال في سياسة وزير التهذيب الوطني ما يلي: أولا: احتقار الموظفين.. حيث يجمع موظفو الوزارة على الاستياء من احتقارهم من قبل الوزير،ورفضه لاستقبال أي موظف في الوزارة إلا في حالة استدعائه مسبقا، كما يقوم الوزير با عثمان بتوبيخ الموظفين، وشتمهم، وتجريحهم في الاجتماعات العامة، وكأنهم أطفال في منزله، وليسو موظفين للدولة، معظمهم أكبر منه سنا، وأرفع مستوى علميا. ثانيا: طلبات الوزير التي لا تنتهي.. يرتبط وزير التهذيب الوطني با عثمان بشبكة علاقات نسائية، ويتردد على مكتبه بشكل دائم نسوة، ويخرجن من مكتبه بقائمة طلبات، تشمل تحويلات، وتعيينات، وأشياء أخرى باتت مزعجة لموظفي الوزارة. ثالثا: تهميش كوادر الوزارة فقد منح الوزير با عثمان معظم الصلاحيات، والنفوذ لفاطماتا با، وبا جاجي، وهمش كوادر الوزارة، التي تمسك بالملفات، وتعرف خفاياها، الأمر الذي أدى إلى شلل في الوزارة، انعكس سلبا على الرؤية التعليمية في البلد. وفي ظل هذا الواقع المزري، يرى المراقبون أن وزارة التهذيب مقبلة على خيارين لا ثالث لهما: إما أن يتم إبعاد الوزير با عثمان عن قطاع التعليم، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، وإما أن يتفاقم الوضع أكثر، فغياب الانسجام مع الطواقع، وانعدام الخبرة في المجال، وسوء التسيير، والتورط في علاقات جنسية مشبوهة هي أبرز إنجازات با عثمان منذ تعيينه على هذا القطاع الهام. كل المعطيات، والمؤشرات تؤكد أن با عثمان بات يدير أزمات التعليم، بدل البحث لها عن حلول، وينشغل في العلاقات مع التجار، والموردين، والنساء، الذين يفتح لهم باب مكتبه على مصراعيه، في حين لا يستطيع معلم، أو أستاذ أن يحلم بمقابلة الوزير، إلا بوساطة من سيدة، أو سياسي بارز، أو جنرال متنفذ. تلك هي حقيقة الوضع في وزارة التهذيب الوطني، وذاك واقعه، ويبقى على رئيس الجمهورية، ووزيره الأول أن يبحثا عن حلول عاجلة، لإنقاذ الوضع، وينبغي أن تبدأ تلك الحلول بإبعاد با عثمان عن التهذيب، لأن الرجل جزء من المشكل، ولا يمكن أن يكون جزء من الحل.