منذ قدوم الخميني 1979 إلى السلطة في إيران ورفعه لشعاره الدموي المعروف (تصدير الثورة الإسلامية) بدأت عين إعصار التفتيت الطائفي المدمر تمد ألسنتها الفتاكة في كل اتجاه في الوطن العربي وأخذت أدوات المشروع الصفوي تعزز مواقعها في كل شبر من أراضي هذا الوطن وتسعى للتمكين في مفاصل مجتمعاتنا ثقافيا واجتماعيا واقتصادياً وأحيانا ديموغرافياً وأمنياً وعسكرياً، وما رافق ذلك من قضم الأراضي وتفخيخ النسيج الطبيعي للمجتمع وتوفير شروط الانقضاض والتقدّم باتجاه الهدف القومي الصفوي التاريخي المحكوم بلا هوادة بأحلام وشهوة استعادة أمجاد إمبراطورية كسرى الفارسية التي ظلت تلمع في عيون حكام فارس الصفويين منذ إسماعيل الصفوي حتى محمد رضا بهلوي وخليفته الخميني. لم يكن هذا الخطر خافيا في يوم من الأيام لقوة تعبيره عن نفسه وشدة وضوح وسائله المختلفة التي تفقأ كل واحدة منها العين منفردة، لكن شدة الوهن الحضاري الجاثم على الأمة منذ عصور وغياب الحدود الدنيا من مستويات التفكير الاستراتيجي دفع كثيرا من حكام العرب وتياراتهم الفكرية، بمن فيها تيارات ذات بعد تاريخي كبير ـ دفعتهم ـ إلى الانخداع أو اعتماد سياسة النعامة مع عدو يُطِلّ كل يوم برأسه القبيح ليحتل بعضا من اراضيهم أو يواصل توسيع احتلاله وتهديده لبقية الأراضي أو ليعزز نفوذه الدولي بتحالف استراتيجي مع خصوم العرب والمسلمين التاريخيين وفي مقدمتهم الولايات المتحدة التي قدمت له دولة العراق وكنوزها ومركزها الحضاري بعد احتلالها وتدمير نظامها الوطني الذي نازله ثمان سنوات جرعه السم في كل معاركها المجيدة، ، كما غض عنه هذا الطّرَفُ ـ الولايات المتحدة ـ الطرْفَ ليصبح قوة دولية تمتلك السلاح النووي وحدها في المنطقة وتتقاسم معها النفوذ والسيطرة والتحكم . إننا في حزب الصواب نرى ان ما أقدمت عليه سلطات المملكة العربية السعودية من قطع علاقاتها مع إيران الصفوية خطوة تاريخية شجاعة جاءت في مرحلة متقدمة من مراحل إنذارات الخطر التي يمثلها المشروع الصفويّ الفارسي اتجاه الأمن القومي العربي عامة وامن المملكة العربية السعودية ومنطقة الخليج العربي على وجه الخصوص، لكن ينبغي أن تكون بداية لخطوات حاسمة تعمل من اجل وقف خطط العدو التي هي قيد التنفيذ والتي ينوي تنفيذها في المستقبل القريب والبعيد وهي كثيرة ولا سبيل إلى الوقوف الحازم إمامها إلا ببناء جبهة واسعة تمتد على مساحة الوطن العربي وبقية المناطق المعنية بتهديده في العالم. كما نهيب بكل الدول العربية والإسلامية أن تدرك أن تضامنها مع المملكة العربية السعودية وقطع علاقتها الفورية مع العدو الإيراني هو تضامن مع نفسها أولا قبل أن يكون تضامنا مع اشقائها السعوديين في التعامل مع عدو يواصل احتلال أراضي عربية ويغرس في أخرى بذور الفتنة ويدفع في اتجاه تفتيتها وإضعافها قصد الهيمنة وتقاسم النفوذ مع قوى الاحتلال العالمي . القيادة السياسية نواكشوط