نظم اتحاد الأدباء الموريتانيين يوم أمس الاربعاء 30/12/2016م أمسية مديحية في مدينة "كيفه" عاصمة ولاية لعصابه ، بمناسبة المولد النبوي الشريف،
وقد كانت الامسية مناسبة القى فيها الاستاذ: السيد صمب أنجاي، كلمة بالمناسبة تحت عنوان:"الإسلام والرق"
وهذا نصها..
كلمة بمناسبة المولد النبوي الشريف
تحت عنوان : الإسلام والرق
يعتبر الإسلام سباقا إلى طرق باب الانعتاق والحرية ويكاد يجمع الباحثون على أن ظاهرة الرق’إنما نشأت من الحروب ’فأسرى الحرب هم الأصل في الرق ’ينطبق هذا على كل المجتمعات قديمها وحديثها ’كما ينطبق على العصر الجاهلي والعصور الإسلامية .من هذا المدخل المتواضع ’يمكننا أن نطرح التساؤلات والاستشكالات التي ستجد وجاهتها ومدارها ومثارها داخل حظيرة هذه الإشكالية ’فما الذي نعنيه بالعبودية أو الرق’وكيف ساهم الإسلام في حل عقال الاسترقاق والاتجار بالبشر؟’هل الرق ظاهرة خاصة بمجتمع ما أم أنه ظاهرة كونوية عرفتها كل المجتمعات ؟ وكيف ساهم النبي صلى الله عليه وسلم في تحرير الأرقاء وشجع على عتقهم؟’ما موقف موريتانيا من ظاهرة الرق وكيف تعاملت الحكومات الموريتانية المتعاقبة على دفة الحكم مع الظاهرة؟
العبودية أو الرق : هو امتلاك الإنسان للإنسان قسرا ودون مقابل ’ويعتبر الرقيق ملكا لأسيادهم يتصرفون فيهم تصرف المالك في ملكه ’ولهذا كانوا يباعون بأسواق النخاسة أو يشترون في تجارة الرقيق ’بعد اختطافهم من مواطنهم أو يهدى بهم مالكوهم ’ولا شك أن ممارسة العبودية ترجع في جذورها لأزمان ما قبل التاريخ ’فهي ظاهرة قديمة قدم الإنسان في بحثه الدؤوب عن السلطة والتسلط على أخيه ’ولاشك أن الحاجة أضحت ماسة أكثر من أي وقت مضى خاصة في مصر عندما تطورت الزراعة فكانت الحاجة ماسة للأيدي العاملة ’فلجأت المجتمعات البدائية للعبيد لتأدية أعمال تخصصية ’فكان العبيد يؤسرون من خلال الاغارات على مواطنهم ’أو تسديد الدين وكانت العبودية متفشية في الحضارات القديمة لدواع سوسيوـاقتصادية لهذا كانت حضارات الصين وبلاد الرافدين والهند تستعمل العبيد في الخدمة المنزلية والعسكرية والأعمال الشاقة ولهذا كانت العبودية متأصلة في الشعوب القديمة ’ولن أطيل في هذا الموضوع المتشعب وإنما وددت تأصيل الظاهرة ’وعود على بدء وجريا على التأسي به صلى الله عليه وسلم ’سنتجاسر إلى مساهمته صلى الله عليه وسلم في تحرير الأرقاء ’فعلى مدار التاريخ كان الرسول صلى الله عليه وسام وأصحابه يشترون العبيد بغية تحريرهم فأستفاد السواد الأعظم من العبيد من الإسلام ’ حيث تحسنت أوضاعهم بالنسبة لما كانوا عليه قبيل الإسلام ’فوقع تحول في الفكر الاسلامى فأصبح الناس ينظرون إلى العبودية والرق باعتبارهما يتعارضان ومبادئ الإسلام التي تدعو للعدالة والمساواة ’ولقد تناولت الشريعة الإسلامية الرق بقدر كبير من التفصيل (القرءان والحديث) ’واضعة قوانين العتق من العبودية ’وكان واحدا من الأفعال الفاضلة العديدة والمتاحة لتكفير الذنوب (وقد تحدثنا عنه بإسهاب في محاضرة سابقة) ’فالرق في الإسلام لم يكن حسب زعمي مبنيا على العنصر العرقي أو اللون ’فلقد عرفته جميع الأمم بجميع اثنياتها ’فكانت تجارة الرقيق عند العرب مكثفة ونشطة في غرب آسيا وشمال إفريقيا وشرقها ’ففي ظل الإسلام شجع النبي (ص) أتباعه على عتق العبيد حتى ولو اضطروا إلى شرائهم وأمر أصحابه في مناسبات كثيرة أن يحرروا عددا كبيرا من العبيد حيث حرر صلى الله عليه وسلم شخصيا 63 عبدا وزوجته عائشة أطلقت سراح 67 عبدا وكان مجموع العبيد الذين أطلقهم عليه الصلاة والسلام وأصحابه 39237
عبدا. ومن أبرز من حررهم : صفية بنت حيي بن أخطب (التي أفرج عنها ثم تزوجها ) ومارية القبطية التي أرسلها له بيزنطيني ’وسيرين’أخت ماريا التي حررها محمد (ص) ثم زوجها للصحابي حسان بن ثابت وزيد بن حارثة الذي أطلقه (ص) ثم تبناه فيما بعد.ونظرة فاحصة إلى مساهمة الإسلام في تحرير العبيد يبدو لنا جليا أن الإسلام كان دين انعتاق وتحرر وتحرير وليس دين استعباد واستبداد حسب زعم الذين يرون أن الدين يشرع الاستعباد ’ولقد عرفت موريتانيا الرق كظاهرة متجذرة في المجتمع الموريتاني ولها ارتباط وثيق بالتركيبة العرقية للبلاد عام 1981 م حيث ألغت الرق بعد إصدارها مرسوما رئاسيا ’يمنع هذا النوع من الممارسات اللاانسانية ’لكن غياب الترسانة القانونية جعلها حبرا على ورق ’وفى عام 2007 وبفضل الضغط الدولى والمنظمات الحقوقية المحلية أصدرت الحكومة قانونا يسمح بمحاكمة المتاجرة بالعبيد ’وعلى الرغم من هذا كله فقد قدر عدد العبيد في البلاد من قبل منظمة نجدة العبيد بحوالي 600.000 أي نسبة 17% من السكان وصنفت موريتانيا في مؤشر الرق العالمي لسنة 2014 الصادر من مؤسسة( وولك فرى فونداسيون) على مقياس ممارسة أشكال العبودية المعاصرة ’وكون 4% من مجموع سكان موريتانيا أي حوالي 140.000 نسمة يعانون من أشكال العبودية المعاصرة وفى مطلع العام 2015 أصدرت الدولة الموريتانية قانونا يصنف الجرائم المرتبطة بالاسترقاق كجرائم ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم ’ومع رفض السلطات الموريتانية الاعتراف بوجود الرق كممارسة ’لا تزال موجودة لكنها تقر بأن ممارسات مرتبطة به ما تزال بادية للعيان ومعاشة ’ويصطدم هذا الموقف بإصرار من مدافعين عن حقوق أبناء الأرقاء السابقين يؤكد على وجود حالات من العبودية تمارس ضد لحراطين وتقول انها تختبئ أو ترتكز أساسا في أدوابه والمناطق النائية حيث يغيب نشاط الجمعيات والحركات الحقوقية.
ذ.السيد ولد صمب أنجاي
الأمين العام لاتحاد الأدباء والكتاب الموريتانيين
كيفة بتاريخ : 30ـ12ـ2015