لكرو مقبرة تسمى اكويكيط ...عرفها الحاضر والغائب ومن هم تحت الطبائق, تحتضن تلك المقبرة بين جنباتها ما يربو على ما فوقها أو يزيدون والزيادة مستمرة ما دامت السماوات والأرض ذلك الوعد الحق , فيها من العلماء والصالحين من شهدت لهم أفواه الرجال وصدقتهم بطون الكتب كما فيها من سائر المسلمين وعامتهم ثلة وعدد وفير , وهو ما يعني أن من في مدينة الأموات المذكورة هم إنس مسلمين ولا سواهم كما يخيل للزائرين للوهلة الأولى التي تطئ أقدامهم فيها , حيث قش الشوك المتناثر هنا وهناك ونبش الكلاب والذئاب وما شاكلهم من المفترسات التي تخرج جثث البشر وعظامهم لتلتهمها أو تلقيها في الأعالي وبين جذوع الشجر لترعب كل عابر سبيل أو من هو زائر مسترشد .... هو مشهد يشاهد كل حين في المقبرة العتيقة بمدينة العلم والعلماء... , ترى هل أضاع الخلف وصية السلف أم تراهم غلبت عليهم شقوتهم فشيدوا القصور ونسوا القبور التي إليها المئال ؟ هل هو فقر في المال أم في الدين والإحساس وفساد الأحوال ؟ أليس للجمهورية المأسلمة سلفا ممثلين (قضاة , , حكام , عمد , نواب ...) عنها لإقامة الصفة السالفة من رعاية الشعائر والمحافظة على كرامة الإنسان في الحياة و وفي الممات , ؟ لقد كرم الله بني آدم واستشهد على ذلك في آيات كثيرة من ذكره الحكيم , ولم يقتصر ذلك التكريم بين جدران القصور حيا في غبطة وسرور بل تجاوزه للحالة الثانية الحتمية للإنسان ألا وهي الموت , خصوصا المسلم الذي يختلف عن غيره بنعمة الإسلام المخلوق أصلا لأجلها , ولما كان الأمر كذلك فقد ألزم الخالق انتهاج سلوك معين وهو حق على المسلم اتجاه أخيه الميت يتمثل ذلك في الغسل مرورا بالتكفين وصولا للدفن والزيارة من بعده , ولا مراء أن ذلك له معاني ومقاصد أرادها الجليل فقذفها في قلوب عباده الصالحين واستثنا من ذلك الطالحين , ولما كان الله يسمي تلك القبور بالرياض على لسان نبيه المعظم فهي ذات شأن روحاني عظيم ومن هنا لزم تعظيمها والمحافظة عليها من كل نجس أو حيوان مفترس ........... وهو المغزى و الرسالة التي يؤسفنا القول بأن أبناء كرو وأحفاد موتى مقبرة اكويكيط قد فرطوا فيها بكل ما للكلمة من معنى , وللأمانة فليس الأمر في عجز مادي, إنما نراهم يتطاولون في البنيان بين غاد ورائحي , فلا يخفى على أحد النعمة التي أغدق الله عليهم ويسر الحال , لحد يجعل الفرد الواحد منهم يقدر أن يتولى تسييج المقبرة لوحده بمجهوده إن حصلت لديه النية لذلك فما بالك بمقاطعة يربوا عدد سكانها على 40 ألف قاطن .... ومن المخجل أن التهافت نحو تسييج المحميات لغرض الدنيا والمال ذا أهمية أكبر لدى الساكنة من موتاها الذين اتنقطعت علاقتهم بالدنيا إلا ما آتاهم من دعاء وعمل صالح من أبنائهم الصالحين , أو ترى من عجز عن توفير حماية لقبر بخيال سياج بخس الثمن سيكبد نفسه عناء الصهر والصلاة آناء الليل وأطراف النهار لأجل أرواح تلك القبور المهجورة التي لا ترى سوى الإهمال أنيسا والضواري حراسا ؟ طبعا لا ... وإن غابت الجهات العامة في هذا الإطار بسبب في أحوال الناس وتحول في الحياة والأخلاق وضعف فيما بينهما لأمر الله وحده يعلمه , فإن غياب الجهات الوصية والمسؤولة عن الرعية شيئ لا يمكن السكوت عليه... فأين القضاة والحاكم والعمدة والنواب من هذا الأمر الجلل والخطير على مستقبل قيم أجيال ؟ نراهم من حين لآخر في خرجاتهم الدعايئة , ورحلاتهم التجارية , وأحايين كثيرة في جمودهم غير المسبوق كأن لاشيء مما ذكر يعنيهم , وحيث ذلك فإننا نصرخ من هذا المنبر صرخة غضب وغيرة على حرمات أنتهكت لموتى لم يوفوا حقهم ونكلوا وأكلت أجسادهم ونجست قبورهم ونثرت عظامهم ... صرخة لا تستعطف الحي إنما الصفح من الميت للتقصير في حقه .....صرخة تكشف حجم التبرؤ من الرسالة الخالدة., ورمي مسؤولية بعرض الحائط من طرف أحياء لم يعد لهم في الحياة هم سوى ارتكاب الزلات وإشباع الرغبات والانحراف عن سبيل الرشاد جهارا نهارا .... صرخة يندب لها الجبين ويرى هولها كل من ألق السمع وشهيد ...... فهل من مجيب
بقلم:الشيخ الراجل عاليون