تعيش بلادنا أزمة متعددة الأبعاد ، نجمت عن إنقلاب الجنرال محمد عبد العزيز فى الثامن من أغسطس 2008 ، و ما تلاه من إنتكاسات للمسلسل الديمقراطي و تراجع للحريات الحقوقية و النقابية و الإعلامية و الحزبية .تلك الحريات التى يكفلها دستور الجمهورية الإسلامية الموريتانية ،الأمر الذى دفع بالبلاد و العباد نحو إنهيار منظومة القيم الديمقراطية و الإجتماعية و الإقتصادية ، و جعل المجتمع كله على شفير الإنهيار و التشرذم ، فيما بات يطلق عليه البعض إنسدادا سياسيا و إجتماعيا ، و إنعدام بريق الأمل الذى ينشده الجميع فى نهاية النفق المظلم ، الناتج عن عسكرة واضحة للدولة و المجتمع هدفها تثبيت أركان دولة الفرد و الفرد الدولة ، ضاربا عرض الحائط بكل المثل و القيم و المبادئ الديمقراطية المتعارف عليها فى إدارة الأمم و الشعوب و التناوب السلمى على السلطة .
إن مسلسل الحوارات المتتالية ، من حوار دكار 2009 و ما نجم عنه من خديعة إنتخابية والحوار "الوطنى" 2011 ، و ما تلاه من توريط لقوى و أحزاب سياسية وازنة فى مخرجات ولدت ميتة . و إنتهاءا بلقاءات و مشاورات 2014 ، قبيل الإنتخابات المزورة و لقاءات الغرف المغلقة فى 2015 الممهدة للتغول على الدستور و التمديد لمأمورية ثالثة ، تكرس حكم الفرد و الفئة و ديمومة الأوضاع الإجتماعية و الإقتصادية المزرية . و تراجع دور الدولة و مؤسساتها الدستورية و الديمقراطية و الخدمية ، لصالح دور أكثر نفوذا و سطوا ما فتئت تلعبه القوى التقليدية القبلية و الجهوية و الأسرية ، مما أدى إلى إستقطاب سياسي و إجتماعى حاد ، نجم عنه إصطفاف واضح للقوى التقدمية و الديمقراطية تحت لواء المنتدى الوطني للديمقراطية و الوحدة ، فيما إنتظمت القوى الرجعية الإقطاعية و القبلية و العسكرية و الأمنية تحت يافطة الأغلبية .
إن مبادرة إنبعاث الحركة الإنعتاقية إيمانا منها بعدالة قضية الفئات المهمشة و المحرومة و إنصافا منها لأصحاب الحقوق و الدماء المكلومة ، ظلت تدفع التضحيات تلو التضحيات ، رافعة راية المظالم و الحقوق دون تمييز بين مكونات المجتمع . و فى مقدمتها قضية الرق و الإرث الإنساني و مطالب الشرائح المطحونة فى المجتمع الموريتاني، و لم تكن الإعتقالات و المحاكمات و السجون و تحطيم التابوهات فى الأعوام 2010 و2011 و2012 و2014 ، إلا ثمنا تدفعه حركة إيرا قيادة و مناضلين من أجل إقامة دولة القانون و المؤسسات و بناء الإنسان . وهو النضال و الصمود الأسطوري الذى شهد به العالم الحر عبر منحه لشهادات و جوائز التكريم الأممية و الدولية المتتالية لحركة إيرا و زعيمها ، وفى مجال الدفاع عن حقوق الإنسان و مقارعة الإستبداد و مؤازرة المظلومين ، فقد صمدت قياداتنا فى السجون الإستعبادية سنة كاملة وهم على كامل الإستعداد لتحمل و بذل المزيد، و صمد شبابنا و شاباتنا و شيوخنا فى ساحات النضال السلمي ، عبر الوقفات و الإعتصامات و المسيرات و القوافل .
و بناءا على التداعيات الأخيرة الناجمة عن التجاذبات السياسية بين الأحزاب و الأقطاب النقابية و المدنية و المستقلة داخل منتدى الديمقراطية و الوحدة من جهة ، و محاولات النظام الإستبدادي القائم الإلتفاف على القوى الحية و الديمقراطية ، و جرها عنوة تحت ضغط الترهيب و التجويع و التفكيك إلى حوار، يؤمن له الولوج إلى مؤمورية ثالثة بسلاسة و يحميه و يؤمنه من المتابعات القضائية و القانونية ، الناجمة عن مسؤولياته الأخلاقية و الأدبية و التنفيذية التى لا تسقط بالتقادم أثناء فترة حكمه و تسيره ، و دفع البلاد إلى أتون إحتقان سياسى و إجتماعى خطير .
فإن حركة إيرا تعلن للقوى الوطنية السياسية و المدنية و الحقوقية أنها :
1/ ليست معنية بما يدور فى الغرف المغلقة بين ممثلين عن السلطة و منتدبين عن جزء من المنتدى ، و ما سينتج عن تلك اللقاءات من مخرجات وتفاهمات هى فى النهاية لا تلزم إلا أصحابها .
2/ تعتبر نفسها و بقية الحركات الحقوقية و الإجتماعية و بجدارة و إستحقاق ، قطبا حقوقيا و إجتماعيا و سياسيا لا يمكن تجاوزه أو الإلتفاف عليه خلال حلحلة القضايا الوطنية الكبرى ، التى تهم الوطن و تحدد مستقبل الشعب ، كما لا يمكن النيابة عنه أو الرهان عليه بالوكالة .
3/ تتمسك بخطها النضالي التحرري الإنعتاقي السلمي، الرامي إلى بسط العدل و تحقيق المساواة و إنصاف المظلومين ، وأن الإعتقالات و المحاكمات و القمع و التشهير بقادتها ، لن يزدها إلا إيمانا و تصميما و إصرارا على النهج السلمي حتى بلوغ الأهداف .
4/ تلتزم بما ذهبت إليه قياداتها ، فى تصريحاتها و بياناتها قبيل الإعتقالات و اللاحقة للمحاكمات الظالمة ، أن يدنا ستظل مبسوطة رغم الكيد و الإلتفاف و الإستغلال و عدم الوفاء بالعهود و الإلتزامات ، لكل القوى الوطنية الصادقة و الرافضة للإستعباد و للإستبداد ، من أجل بناء موريتانيا عادلة متحدة متصالحة مع ذاتها ، تنعم جميع إثنياتها و قومياتها و مكوناتها الإجتماعية بالحرية و المساواة و العيش الكريم.
5/ تجدد مطالبتها لكل أصحاب النوايا الوطنية الطيبة ، وأصدقائنا وشركائنا فى التنمية و بناء الديمقراطية و حقوق الإنسان الدوليين ، بالضغط معنا لتأمين إطلاق سراح قادتها، الزعيم بيرام الداه اعبيد و الرئيس ابراهيم بلال رمظان.
عشية الإعلان الدولى لحقوق الانسان 10ديسمبر2015
اللجنة الإعلامية
انواكشوط