انطلقت صباح اليوم الاثنين بقصر المؤتمرات في نواكشوط فعاليات البرنامج الوطني لإحياء التراث القيمي المنظم تحت الرعاية السامية لفخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز.
ويهدف البرنامج الذي أشرف على انطلاقته الوزير الأول السيد يحيى ولد حدمين، إلى استنطاق تراثنا الأخلاقي لتحرير عقد اجتماعي يعتمد ويتأسس على مجموعة من القيم الأخلاقية الأكثر تجذرا في المجتمع وفي مقدمتها تلك التي تستمد معانيها من التراث الإسلامي كالتكافل الاجتماعي والصدق والأمانة والصبر وغيرها من القيم الفاضلة.
ويرتكز البرنامج على محاور متعددة من قبيل المناصرة وكسب التأييد عبر التعبئة والتوعية والتحسيس والتكوين والبحث والنشر بواسطة مكونين من القيادات الشبابية على أساليب تعميم القيم ونشرها وتثمينها، كما يرتكز على دعم القدرات الوطنية في مجال التنظيم والتشريع وعلى التقييم والمتابعة.
ودعا الوزير الأول خلال إطلاق للبرنامج جميع الموريتانيين إلى المساهمة في توطيد الهوية الثقافية الوطنية، والتعريف بتراثنا وقيمنا الفاضلة، ونشر ما يميزها من روح التسامح والتعاضد والاعتراف بالاختلاف، واحترام الآخر وبث ثقافة السلام في العالم.
وجدد عزم الدولة الموريتانية على الحفاظ على مختلف مكونات تراث أمتنا الثقافي الثري واستلهام ما يزخر به من معانٍ سامية، ومن أسباب المنعة والاقتدار.
وفيما يلي خطاب الوزير الأول بالمناسبة:
"بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على نبيه الكريم
السيدات والسادة أعضاء الحكومة
السيدات والسادة أعضاء السلك الديبلوماسي وممثلو المنظمات الدولية
السيدات والسادة المنتخبون وممثلو منظمات المجتمع المدني
السادة الباحثون والمشايخ والعلماء
أيتها السيدات أيها السادة
يتميز شعبنا بعدد من السمات يعود لها الفضل في الحفاظ على روح التعايش السلمي بين مكوناته المختلفة والمتنوعة، وفي ما نتمتع به من ذكر حسن عبر العصور.
وتنحصر هذه السمات الفاضلة في منظومة من القيم والأخلاق التي حرصنا على التمسك بها والدفاع عنها، وإشاعتها عبر العالم من خلال رحلات علمائنا وجولات تجارنا في مشارق الأرض ومغاربها، حيث كانوا دائما رسلَ علم ومحبة وسلام قبل كل شيء، وفاء لما يمليه عليهم الدين الإسلامي الحنيف.
وهي قيم وفضائل نحتاج اليوم أكثر من أي وقت مضى للتمسك بها بقوة، ونحن نواجه تيارات العولمة الجارفة وما تحمله من خطر على الهويات الثقافية للشعوب، وما يترتب عليها من هزات عنيفة تهتك الأعراض وتُشتت الشمل وتزرع الخوف واللاأمن في كل مكان.
وقد أدرك فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز، هذه الحقيقة بأبعادها كلها، فأصدر توجيهاته السامية للحكومة من أجل اعتماد برنامج طموح وواسع لإحياء التراث القيمي ونشره والمحافظة عليه ووضعه في متناول كافة مكونات الشعب، وخاصة الشباب والأطفال.وذلك حرصا منه على قيام نهضة حقيقية قوامها تزويد الأجيال بالتربية السليمة، وتكوين المواطن الصالح المتشبع بمنظومتنا الأخلاقية المتميزة القائمة على قيم الوسطية والاعتدال والسلم والتقارب بين الشعوب.
أيتها السيدات أيها السادة
دعما لهذا التوجه، فإنني أدعو جميع الموريتانيين للانخراط في هذا المسعى النبيل والمساهمة فيه، كل من موقعه، توطيدا للهوية الثقافية الوطنية، وتعريفا بتراثنا وقيمنا الفاضلة، ونشرا لما يميزها من روح التسامح والتعاضد، والاعتراف بالاختلاف، واحترام الآخر وبث ثقافة السلام في العالم.
وأود بهذه المناسبة أن أجدد عزم الدولة الموريتانية على الحفاظ على مختلف مكونات تراث أمتنا الثقافي الثري واستلهام ما يزخر به من معانٍ سامية، ومن أسباب المنعة والاقتدار.
ذلك أن الانجازات الكبرى التي حققناها في جميع مناحي الحياة في بلادنا لا يمكنها أن تؤتي أكلها إلا في مجتمع متماسك، ومتصالح مع ذاته وقيمه الفاضلة، وحريص على استنهاض كل ما يضمن ديمومة معاني الصدق والأمانة والتضامن فيه، وحسن تدبير شؤونه، وهي كلها قيم مستمدة من حضارتنا الإسلامية والعربية والإفريقية.
والله أسأل أن يسدد خطانا جميعا، لما يحبه ويرضاه، ويلهمنا سبل توفير الأمن والقسط والرفاهية لشعبنا لتشييد موريتانيا قوية بقيمها وسائرة على نهج البناء.
وأعلن على بركة الله الانطلاق الرسمي لبرنامج إحياء التراث القيمي.
و أشكركم و السلام عليكم ورحمة الله تعالى و بركاته".
آمي