في الأنظمة الاستثنائية والدكتاتوريات يتم ملاحقة الناس بسبب آرائهم التي لا تعجب صنّاع القرار ومراكز القوى.. لكن في هذه الدول بالذات تبقى النخبة المحترمة رافضة دائما وفي صراع مستمر حتى تنتصر الحرية على الكبت والتعايش على الاقصاء ..
أما عندنا فإن نخبة حراسة الوهم ومن يدور في فلكهم من الحذاميين ومجندي القبلية ودعاة ابقاء ما كان على ما كان يجن جنونهم بسبب الاعلان عن برنامج مع ضيف لا يعجبهم .. هل. رأيتم من يطالب بمصادرة برنامج لم يبث؟ هل سمعتم من يحكم على حوار لم يسمعه؟ هل حكى لكم أحد عن المطالبة بوقف برنامج وسجن صحفي بسبب حلقة لم تشاهد بعد؟ أي حماقة هذه وأي سقوط؟ ألهذه الدرجة تحتقرون اخوتكم؟ ألهذه الدرجة تزهدون في الحرية والرأي يا صقور الإقصاء؟ لماذا لا تنتظرون كلام الرجل ثم تردون عليه من خلال من له المام بالأمر أو تتركون بينه وبين القضاء إن حرض أو كذب أو اتهم زورا إن كان لديكم قضاء تثقون فيه؟ أما ملاحقة صحفي أو وسيلة اعلام فهو أمر سخيف أن تتم المطالبة به ممن يتوسم فيهم الوعي والثقافة!
ما هذا الصراخ والنواح والندب؟ لماذا ترهبون الناس بسبب التطرق لموضوع تزعمون انه انتهى وتمت تسويته؟ ألم يصبح تاريخا حسب طرحكم؟ اتركوه يحكى عنه كما يحكى عن صراعات القبائل وقضايا المقاومة والعمالة والانقلابات ومحاكمات السياسيين وقصص القمع والتعذيب التي امتلأت بها القنوات الحرة والرسمية كل هذه السنين .. إن أقصى ما تخشونه أن يقال قتل فلان وفلان من طرف فلان وفلان فما المشكل؟ أي قداسة لهذا القاتل؟ألا يستحق ذلك القتيل أن يقال إنه قتل؟
كثيرون تكلموا في القنوات والاذاعات عن انقلاب مارس وانتقدوا اعدام كادير ورفاقه وآخرون تكلموا عن يونيو ٢٠٠٣ وضحاياه وكثيرون تكلموا عن التعذيب في سجون هيداله ومعاوية .. وهناك قنوات مثل قناة الوطنية استضافت متطرفين من فئات مختلفة بعضهم كفر أشخاصا وطالب بقتلهم وبعضهم هاجم فئات بالاسم ولم نسمع هذا الصراخ والعويل ولا مطالبة باعتقال الصحفيين ولا بتوقيف القناة .. فما الجديد؟
أنتم بهذا الطرح المطفف تجعلون إخوتكم يشعرون أنهم مواطنون من الدرجة الثالثة أو أنكم تنحازون ضد ضحاياهم إلى الجلادين لأسباب عرقية عتصرية.
اتركوا الناس تروي ما عانت وعاشت وشاهدت ثم ردوا على مالا يعجبكم بالالية المناسبة ولا تتوهموا أن التكميم والقمع يحل مشكل عدم الثقة ولا إرث الظلم والقمع .. اتركوا الانظمة بل جزء يسير من الانظمة يتحمل مسؤولية ما اقترف بدل توفير حاضنة اجتماعية وعرقية للجناة او المتهمين المفترضين .. اتركوا جزءا من التا ريخ غير مشرف يروى ليسمع من لن يسمع ويعبر من عانى. وكونوا عونا له لا عليه ليتم انصافه ويتجاوز غصة الألم المرة ويشعر أنكم غير ضالعين في الجرم ولا حماة لمقترفيه .. وقبل كل ذلك اعلموا أن محاولة منع الكلام أيام الناس هذه إنما هي تزراب تيبه اعل الطيور ..
أفيقوا من أوهامكم فالبشر مثلكم لهم أحاسيس وكرامة وشعور .. والوطن للجميع وليس منة لأحد !!