الوزير الأول والتأزيم المتعمد / محمد ولد الطيب

ثلاثاء, 2015-12-01 16:06

إن رقعة الشطرنج التي يلعب عليها الجنرالات وأداتهم الطيعة _حكومة السيد: يحيى ولد حدأمين_ ضد المواطن في هذا البلد أصبحت مكشوفة جدا أمام الرأي العام أكثر من أي وقت مضى, فلا الضباط العاملون خارج التخصص سلموا الحكم وسمحوا للديمقراطية أن تسود وللمواطن أن يختار من يحكمه, ولا هم تحملوا مسؤولياتهم مباشرة في تسيير حكم البلاد ولم يغالطوا المواطن ويتستروا خلف أوجه مدنية مأمورة لا تملك ولو حق إبداء الملاحظة والرأي أحري الاستقلال في اتخاذ القرار أو الحرية في التيسير, لكنها مع ذالك حكومة ماكرة تستغل بدهاء الهامش الضيق المسموح به أو المسكوت عنه _من قبل الجنرالات المشغولين في الصفقات _في إطار اللعبة القذرة_, مستفيدة من المظلة الخارجية لقوي أجنبية أنظمة ومنظمات تبشيرية وتشييعية... تعطيها ضمانة للحفاظ على مواقع احتلتها في السلطة لقاء رعايتها لمصالح تلك الجهات, ويمنحهم الموقع المتحصل عليه تحركا أوسع لتأزيم وضع مأزوم أصلا وفق صراع إرادات يتداخل فيه العامل الأجنبي مع الداخلي, فمثلا حين أرادت تلك القوي التخلص من العقيد ولد الطايع بعد لعبه للدور المنوط به وأصبحت ضريبة الاحتفاظ به مكلفة تحرك أو حرك الضباط لتأزيم الوضع بالتعاون مع الظهير المدني من سياسيين وإعلاميين وحراس التدين المغشوش... فأصدرت الفتاوى على الهوى وأغلقت جمعيات كفالة الأيتام والنفع العام, ومعاهد تدريس القرآن وعلوم الشريعة, وأممت المساجد وأريد لفزاعة الإرهاب أن تأخذ مداها... حني التف الحبل على العنق وحانت لحظة الحسم فنحي في هدوء ولم يجد من يبكيه, واليوم تبدوا مظاهر التأزيم جلية للتخلص من الجنرال, إذ ليس توزير السيد يحيى ولد حد أمين إلا السمة الأبرز لإعادة رسم السيناريو من جديد حيث نجح المناوئون للجنرال في الدفع به لهذا المنصب, حيث لا يوجد في سجل حياته الحافل بالفشل مهنيا وسياسيا... ما يؤهله لأن يكون ضمن التشكيلة الحكومية أحري أن يترأسها, فكل المؤسسات التي تولى إدارتها آلت إلي الإفلاس والتلاشي, والواقع بين يديك ينبيك أنها تظل أفلس حكومة عرفتها البلاد بل وعرفها التاريخ, فقد بلغ بها الإفلاس والإسفاف مبلغا يجيش فيه وزير أول حكومته ويستنفر كافة جهوده ووسائله في حرب مع أستاذ ثانوية, حرب لا هوادة فيها من وزير أفنى عمره في نهب المال العام وكنزه واستغلال مقدرات شعب مغلوب على أمره ضمن العصابة الحاكمة على أستاذ نشأ على حب الخير وبذل المعروف وتعليم العلم الشرعي تسكن أسرته بيتا متواضعا من الطين في مدينة جيكنى لم يشأ أن ينزل على حكم الوزير أو يقبل الضيم, فرفض التحويل التعسفي واتجه لخدمة مجتمعه في التعليم الأهلي بدل النظامي إلا أن ذالك أيضا أغاظ الوزير ورأى أن في إدارة هذا الأستاذ لفرع معهد الإمام ورش لتعليم القرآن وعلومه في المقاطعة مجالا جديدا لإبراز مهاراته الإدارية والعلمية في سبيل نشر العلوم الشرعية في مناطق عدة لم تكن لتصلها لولا جهود هذا الأستاذ, وقدر أن ذالك سيكون على حساب نفوذه فأراد أن ينتقم من جديد, وبعد استغلاله لوزير التهذيب في التحويل التعسفي وجد ضالته هذه المرة في وزير ومدير "للتوجيه", فالتقت إرادة الثلاثي الحوضي على محاربة العلم الشرعي وكانوا الوسيلة في إغلاق محاظر منطقتهم دون غيرها من مناطق الدنيا, وبتدبير كيدي وسكوت عليه من البعض الآخر من أبناء المنطقة ممن صدعوا رؤوسنا وظلوا يفتون ويحاضرون على الهوى فلم نسمع أن فلانا أو علانا منهم أنكر أو اعترض بل رضوا جميعا وتباعوا, إن تواطأ الجميع ولو بالسكوت على ترك مئات الطلاب _الذين كانوا ينهلون من معين "ورش" و"مالك" الصافي _وقد كفوا مؤونة التنقل إلي محاظر أترارزة ونواكشوط  أو غيرهما من مناطق الوطن والإقامة هنالك بعيدا عن رقابة ورعاية الأبوين والأهل_ يواجهون الجهل والتسيب  تصرف مستغرب ومريب لأنه يعني بالمحصلة فتح باب الجهل مشرعا على مصراعيه لصناعة التطرف والغلو والارتماء في أحضان عصابات العنف والمخدرات, خاصة في ظل إفساح المجال أمام المد الشيعي المتنامي والحملات التنصيرية وتسهيل تحركاتها ورعاية أنشطتها والاحتفاء بها من طرف السيد الوزير وحكومته وبعض نواب أغلبيته, إن التضييع إلى هذا الحد واستغلال النفوذ على هذا النحو وامتهان أبناء المنطقة من أجل الانتقام بشكل فج ومفضوح وعلى حساب أبناء طبقات ومجتمعات هشة لا قدرة لها على تعليم أبنائها خارج مواطن إقامتها لهو تصرف مقرف ومناف للنبل والرجولة, مع العلم أن صاحبه قادر على امتصاص الإهانة حين تكون صادرة من المحيط الاجتماعي للجنرال, وحازم وصارم في إغلاق المحاظر والمعاهد في بلدته, وهو أسلوب قريب من منطق "الصيد الفايت": "الناس تغلبنِ يغير آنَ نغلب مُلات خيمتِ", وأخيرا فلبئس ما جني ثلاثتكم ورضي به الملأ منكم حين خنقتم صوت القرآن وكنتم المتسبب في هجره في وقت يتفانى فيه الساسة والقادة لجلب المنافع لمناطقهم, وتتفننون أنتم في التضييق عليها ومحاربة من يخدمها,

والسؤال الأخير والأهم: هل الجنرالات علي علم بهذا التصرف الوقح والمشين ويمثل وجهة نظر وقرار صائب بالنسبة لهم وتاركوه يمر ليجعلوا منه بالون اختبار لساكنة المنطقة والوطن عموما هل نسكت ونقبل الحرب علي القرآن وأهله والقادم بعد ذالك أسوأ والحبل على الجرار, أم هو تصرف تولى كبره الثلاثي الحوضي استجابة لحملة تحريضية من وجهاء! و"مخزنيين" في الولاية معلومة أسمائهم وأوصافهم, ووافق هوي في نفوس القوم؟!, وختاما وفي كلا الحالين من كانت حربه مع شرع الله مغلوب ومن كان خصمه القرآن مهزوم "إذا أتيت ربك يوم حشر # فقل يا رب مزقني الوليد" فمزق الله ملك الوليد, (وما هي من الظالمين ببعيد).