ثلاثة صفارات إنذار لم يسمعها أحد انطلقت الصفارة الأولى من نواكشوط في 29 ابريل إثر إصدار ميثاق حقوق الحراطين وتبعتها الصفارة الثانية في 29 ابريل 2014 ثم الصفارة الثالثة في 29 ابريل 2015 ، ولكن على ما يتضح لا أحد يعير سماعا لصفارات الإنذار الرافضة لاستمرار التهميش والاستبعاد المطبق ضد الحراطين الذي يزداد ويتسع مداه لتتهيأ الظروف لإطلاق صفارة جديدة بعد 55 عاما من "الاستقلال الوطني" لن تظل كعادتها صفارة بلا صوت أو أثر ، فرغم مضي 55 سنة على تأسيس الدولة لا تزال قضية الحراطين تتميز بغياب التوازن المفرط والاعتماد على الحلول الترقيعية والوقتية دون الاهتمام بإيجاد حلول جذرية من شأنها أن تجنب الحراطين واقع الحرمان الذي يعيشونه والمخاطر التي يتعرضون لها جراء ما عرفوه من استعباد فيما مضى و تهميش واستبعاد في الوقت الآني ، إذ يرتبط التهميش باعتباره أوسع من الاستبعاد بانعدام الفاعلية وغياب الدور والمشاركة الفاعلة ذات المردودية لمجتمع الحراطين بموريتانيا . إذ يمس الاستبعاد الواقع في حق الحراطين مدى اندماجهم المجتمعي مما من شأنه أن يؤدي لظهور تفاعلات ذات طابع عنيف ممنهج إذا ظل تكريس الواقع القائم حاليا الشعار الأبرز لما يحاك ضد الحراطين من استبعاد في جميع المجالات سواء كانت سياسية أو من خلال التمثيل المبتور على مستوى الإدارة والأمن أو الجوانب الاقتصادية من خلال محدودية العمل وضعف الدخل واختلال العدالة في الفرص. ، ويتولد فقر جماعي للحراطين جراء حالة التهميش المتكرر لهم في ظل عدم وصولهم للموارد الاقتصادية ، ففيما يبدوا أن الحرطاني من حيث هو حرطاني مهمش ليعيدنا التهميش الممنهج لعصر مؤسسة الرق وما نتج عنها من رأس مال تَشكَّل تاريخياً, ووضعية اجتماعية وسياسية وعسكرية واقتصادية تم توارثها عبر التاريخ الطويل إلى يومنا هذا, الأمر الذي يوضح لنا وجود سياسة مفضوحة نمطها البارز استبعاد الحراطين من الثروة بخلق موانع تُضيِّق السبل لحيازتها, الأمر الذي يجعل هذه الموانع نفسها مصدر امتيازات لفئة أخرى مُهيمنة فيما تضيَّق كل السبل على لحراطين في وجه كسب العيش ، ويجد المتنفذون كل الخيارات التي تمكنهم من سهولة العيش ، ليؤكد ذلك أن تهميش الحراطين أكثر عمقا فهم محرومين من فرص الحصول على أي امتيازات كما يتحصل عليها الآخرون ، بل هم مهمشون ويتعرضون للتمييز السالب من خلال حرمانهم وإقصائهم غالبهم الأعم من تقلد المناصب أو شغل المواقع الرفيعة في مؤسسات الدولة ومحرومون من الحصول على الثروة لعدم توفر الفرص اللازمة لذلك مستمرة بذلك حركة التهميش والاستبعاد إذ يكاد يكون الإقصاء سياسة الدولة إزاء الحراطين والتهميش اُسلوبها والاستبعاد نهجها ، مما يؤكد أن الدولة غير قادرة على حل مشكل الحراطين وتكرس مزيدا من الظلم لزيادة حجم معاناة الحراطين في ظل إجراءات لا تتجاوز كونها محاولات شكلية لامتصاص التطلع الحرطاني المتأجج نحو المطالبة بالعدالة الاجتماعية ، فمن يوقف التهميش والاستبعاد في حق الحراطين بموريتانيا ؟!