أيها الجيش الموريتاني العظيم.. والصمد الحصين.. والدرع المنيع.. وحنبل دفئنا وبرقة أمننا..
يا أبناء المرابطون وأحفاد المجاهدون على أرض شنقيط..
الغوث الغوث..
النجدة النجدة..
البدار البدار.
أيها الجنرالات الشامخون كالطود الرفيع، والضباط وضباط الصف الحماة المؤمنون، والجنود الأبطال عاليوا العزم كعلو المنازل.. لقد آن لكم أن تتحملوا مسؤولياتكم التاريخية والإنسانية تجاه هذا البلد النازف.. وكفاكم تجاهلا لصراخه ونحيبه وهو يغتصب ويفترس وتمزق أوصاله كما مزقت أم ياسر دون أن تحركوا ساكنا أو تزجروا زجرة رادعة، أو تقدموا خطوة مانعة، أو تنفخوا الصدور كالأسود لترعبوا عدوها الذي يصول في عرضها ومالها يملئها جورا ورعبا وفزعا كغيمة أشرقت بالويل تتمثل للناظرين وجوه قصورة مكشرة عن جوع لايبقي ولايذر..
أيها الجيش الموريتاني الباسل العظيم عظمة جيش صفين، وذي العزم الشديد كعزم فرسان حطين، والإيمان الراسخ كرسوخه في أجدادكم أيام الزلاقة، لا تنكسوا الرؤوس وحال شعبكم كحال المشردين في فيافي الغاب تصطاد من هنا وهنالك وأنتم قاهروا الإرهاب ومروعوا الأعداء.. بل تقدموا إلى الأمام وأطيحوا بهذا الحاكم المفسد الجبار والمرعب المحتال والمشتت المشرذم للناس، فالأعمار لله وإنما تنشدون سلما لبلادكم ونصرا مؤزرا لأبنائكم، وما الموت إلا موت واحد، وما كل موت يعز صاحبه.. وأي عزة خير من موت في سبيل الله ووطن تخطفه كردوم كالحمض.. كالطاعون.. كالجرب.. كالعواصف الحمر والصواعق السود.. يجفف منابعه ويفرق أهله ويعمل فيه بشرع آل فرعون ويغرس البغضاء بيننا ويعيث في مواردنا جهارا يغني من ذريته كيف شاء ويجوع من رعيته ما شاء ويتعالى متطاولا في البنيان بعد ما كان حمال حطب لا يملك شسع نعل ولا رقعة ثوب، إن أجرم من بنيه مجرم أوقف سياف العدل ورقاه في مناصب عالية محتقرا أمة البلاد ولسان حاله هكذا يحكم الجبناء..
أفلا يحرككم هذا؟
أفلا يقدمكم هذا؟ وأنتم تيجاننا، وأطواق نجاتنا وجيشنا المنيع العظيم..
لقد كان معاوية أشد منه نكالا وأكثر حيطة وأعز نفرا ومع ذالك حيدتموه بأضأل حراسه شأنا قبل أن يعود كالثعلب في ثوب الواعظينا وأعزكم الله بنصر ماله انكسار.. وما أعظمك من جيش لما آثرت السلم يوم انقض على ديمقراطية البلاد واخترت السلام، ولكن لكل زمان حكمته وسكونه ووثبته وحكمة زماننا أن تتحركوا وتتقدموا وتزلزلوا من تحته الأرض والقصر، أولم يحيد جيش مصر السادات في عز عزه وملكه.. يا أبناء المرابطون وأحفاد المجاهدون على أرض شنقيط، أيها الجيش العظيم..
إن بلادكم ليست رقعة جغرافيا ولا علم أخضر فحسب، بل هي بناتكم.. وأمهاتكم.. وطعامكم.. وحلكم وترحالكم، وأمنكم وسلامكم، وظلكم وعدلكم.. وإنها والله قد خارت منها القوى وما بقي قبل تهاويها إلا ركن شهور أو أقل فتنهار في أنهر من الدم القاني لن ينضب بعد اليوم .. فانجدوها وحيدوا جبارها وكلنا من خلفكم ومعكم وبكم نحميكم ونفتديكم..
ايها الجيش الباسل..
إن المخاطر تحدق بنا وتلوكنا أيما لوك، فالإرهاب عن يميننا والظلم القاهر من فوقنا والغرق القادم من تحتنا والفوضى الأخلاقية والقانونية أمامنا تصفعنا وتقيدنا وزمرة الفساد ما تنفك تهدم أمام أعينكم الركن الوحيد المنيع لهذه الشعب الأيوبي الصبور:
تهدم وحدته وموارده، يهدمون شركة الصناعة والمناجم اسنيم بمعول الخراب ويحولون أموالا بالمليارات إلى حسابات أخرى ثم يعمرون أرض أجدادهم في المغرب بعمارات شاهقة ومشاريع عظيمة لا يتركون لنا بعدها إلا الخراب، ومع الوقت أيها الجيش سيجد الشعب نفسه مضطر لأن يعود إلى قرون السيبة تبغي المجموعة على المجموعة والفرد على الفرد ليسد جوعه، في الوقت الذي سيكون الطاغية وذويه يتابعون مأساتنا في قصر بفاس أمام شاشة مسطحة بقوت الناس يقهقه عن نواجده المتقاطرة من دماء أبنائكم وأمهاتكم وذويكم..
تحركوا.. تقدموا.. جردوا السلاح والصراخ قبل أن تصبح البلاد كسوريا وليبيا..
ولما تنتصروا لا تشرعوا في وعود وردية لا أمل في تحقيقها ولا تمنون الناس كما منيتموهم من قبل، بل وجهوا هممكم لخمسة والله من وراء القصد:
وجهوا هممكم للعدل حتى تسير امرأة عارية في دجن الليل بفيافي الترحيل لا تخشى إلا من الله أو عقرب تلدغها.. ثم وجهوا هممكم للتعليم حتى يصبح فلك للشعب نحو الحضارة بلغة واحدة موحدة.. وجهوا هممكم للزراعة حتى تكتفي البلاد من خيرات شمامة.. ووجهوا هممكم للطب حتى تطمئن القلوب ونصنع دوائنا.. ووجهوا هممكم للصناعة حتى نصنع البارود والبندقية بأيادي أبنائنا..
ولما تشرعوا في هذا تزامنا ستنتفض البلاد من الكساد والظلم والكسل تلقائيا.. وستولد من تلقائها المشاريع العظام والخيرات والثروات وفرص العمل ويوحد الشبع الشعب، وتنفي العدالة الطبقية والقبلية وتنبت الزهور على الأرصفة وتولد الجسور والسكك الحديدية المعلقة وتتوسع الشوارع وتنزل الأسعار وتختفي الضرائب المجحفة الموجهة والمسلطة من غير وجه حق..
أيها الشنقيطي الباسل العظيم..
سيعود بتحركم وإزاحة هذا الحاكم الجبار عهد الخير والبركة ..
ستعود قطعة الأوقية إلى السوق والأخوة بين البيض ولكور ويرافق الإنسان الموريتاني أخاه دهرا لا يعرف سوى اسمه أو لقبه.. ستعود شنقيط كما كانت أرض السلام والإخاء والشرف والعدل.. ستصبح دولة الحق ودولة العلم ودولة الخير ودولة الجميع..
فالغوث الغوث.. البدار البدار.. فلا نامت أعين الجبناء
عبد الله ولد محمد آلويمين