لقد كانت الأشهر الماضية صعبة جدا لأنها كانت تتطلب معارك مدروسة و موجهة وفق إستراتيجية محكمة لتعطي مثل هذه النتائج الباهرة :
كشف جرائم العصابة و تعرية أسلوب مغالطاتها و الطرق المتبعة لاستنزاف خيرات البلد و خارطة مواقع المقربين من رأس الأفعي و طريقة توزيعهم للأدوار و توزعهم في الإدارات و نظام سيطرتهم على السوق عن طريق فتح بنوك الاحتيال و الاعتمادات الوهمية و الهيمنة على الصفقات و الإعفاءات الجمركية و الاستثناءات الإدارية و توزيع جوازات السفر الدبلوماسية على عصابتهم لتسهيل مهامها و منح تراخيص البحث عن المعادن و المتاجرة بها و التضييق على المزارعين و تكليف “سنات” برسم سياسة سيطرة المقربين على القطاع و تحويل “اسنيم” إلى بنك شعبي و “تازيازت” إلى ملك شخصي للأسرة و استنزاف الثروة السمكية بالتعامل مع شياطين البحار من مستخدمي كل وسائل الصيد الممنوعة دوليا و فضائح بيع منشآت الدولة و جريمة طمس معالم العاصمة : بلوكات ، مدرسة الشرطة، الملعب الاولمبي ، المدارس العتيقة. لم يترك ولد عبد العزيز و أقاربه طريقة فساد و احتقار للبلد و أهله إلا وسلكوها.. لم يتركوا جريمة لم يسبقهم لها إنس و لا جان إلا و ارتكبوها في حق هذا الشعب المهان.. لم تترك أبواق النفاق عبارة تملق إلا وصبغتها بكل ألوان الطيف و لا شعار استخفاف بعقل المسكين قبل إهانة البلد إلا و رفعوه فوق أعلى البنايات. كانت معركة صعبة اعتمدت العصابة فيها على خبرات اقتصادية “وطنية” عديمة الضمائر (ولد أتاه ، ولد أجاي، ولد الرايس…) خططت لكل جرائم العصابة و بررتها إداريا و دافعت عنها على كل المنابر المحلية و الخارجية بالأكاذيب الملفقة و الأرقام المزورة و النسب المفبركة.. و مافيا سياسية تحترف الارتزاق ، حولت ولد عبد العزيز إلى معبود يسبحون بتوجيهاته النيرة و حولت أقاربه المتنفذين إلى صفوة إصلاح رضي الإله عنهم و رضوا عنه (وزير العلاقات مع البرلمان محمد الأمين ولد الشيخ (الذي وعد كل من يقاطع حوار المجانين بالحرمان من “شم روائح الجنة”)،”الحاج زيدان” (الموفد إلى الديار المقدسة على حساب الرئاسة)، ولد حجبو، فاله بنت ميني…) .. و أقلام مأجورة تتشدق بوطنية لا تتجاوز قداستها الحلقوم، يلوكون عبارات نفاق تجاوزها الزمن، من المخجل أن يكون ما زال هناك من يرددها على وجه الأرض: ولد عبد العزيز نفسه يا هؤلاء هو الأزمة و ظهور أمثالكم أنتم ككتاب رأي هو الدليل .. وصول أمثال ولد عبد العزيز و محسن ولد الحاج و ولد بايه إلى سدة الحكم لا يحدث في بلد طبيعي و وصف لصوص مثلهم لا يترفعون عن شيء، بالوطنيين الأوفياء و القادة الديمقراطيين الملهمين لا يصدر من عاقل يحرص على بقية من احترام نفسه؛ أنتم تحرقون مراكبكم في رحلة إلى مرافئ لم يكن .. أنتم خجل الثقافة.. خجل الكتابة.. خجل الحبر .. خجل الورق من حقكم أن تلهثوا خلف مصالحكم الضيقة.. أن تفرحوا بتحكم عصابة تحتاج إلى خدمات مرتزقة انتهازية مثلكم ، لكن لا تتحدثوا عن سعادة شعب لا يقتات من امتيازات مكتب الشدو و لا من فتات أرصدة شحن أبواق الظل المبحوحة.. ـ هنا يكون من واجبنا المقدس أن نسجل موقف إكبار و تقدير لمن نزفت جراح قلوبهم المكلومة قبل أقلامهم دفاعا عن موريتانيا المستباحة، بسخاء من كان البذل طبعهم و طول نفس من لا يطرحون شروط وفائهم على الوطن: (باباه سيدي عبد الله، محمد الأمين الفاضل، عبد الرحمن ودادي…). أمثال هؤلاء هم ضمادات الضمير الوطني المداس.. هم نوافذ تهوية النفق الوطني المختنق خجلا و هما.. هؤلاء يستحقون بجد كل تقديرنا و احترامنا .. ـ أن نسجل موقف إكبار و تقدير للأستاذ يعقوب محمد الشين (بفرنسا) المتصدي باستمرار من هناك، لهجمات متسللي أبواق العصابة الانتهازية، من كل ثغرة غير محروسة .. الملتزم بتعاطي موضوعي لا يحترمونه و سلوك مدني متحضر لا يستحقونه.. ـ أن نسجل موقف إكبار و تقدير للشاعر الظاهرة محمد يحيى ولد امصيدف الذي أتحف المرحلة بنصوص وطنية بجدارة و تاريخية بامتياز، لو قيلت في حق جبل أصم لابتلعه الخجل، لكن حتى الخجل يعف افتراس علامتهم التجارية المسجلة… ـ أن نسجل باستغراب كبير (من دون تعليق) سكوت كتاب موريتانيين معروفين، سيكونون أول رافعي رايات الانتصار بعد سقوط ولد عبد العزيز ـ القريب إن شاء الله ـ يعتقدون الآن أننا لا نفهم لماذا يسكتون … ! على الجميع أن يفهم قبل فوات الأوان أن موريتانيا التي ندافع عن ظهورها إلى الوجود هي موريتانيا الخالية من أي مظهر زائف .. موريتانيا المتحصنة بإرادات وطنية لا تتخلى عنها في أي ظرف و لا لأي سبب.. موريتانيا المتمنعة في أحضان جنود أوفياء يخسرون ألف معركة و لا ينهزمون .. “الحديث الجديد” الذي أزفه إليكم هو أن ولد عبد العزيز لم يعد يستطيع إكمال مأموريته الثانية بأي معجزة، بعد نجاح هذه المرحلة المتمثلة في كشف كل حقائق العصابة في الداخل و الخارج . و نلاحظ هنا بل نشير بوضوح إلى تسلل بعض المتذاكين إلى حلبة هذه الانتصارات و تحركهم المتزامن مع كل ضربة موجعة إلى نظام العصابة لإيهام الناس أنهم من صنعوها و تزويد مواقع تابعة لهم في البلد بمعلومات مغلوطة توهم بطرق أقوى من التأكيد بأنهم من يحركون خيوط أي لعبة تدار في الخفاء : ليس في صراع المافيا ما يمكن أن يخدم موريتانيا في شيء و سقف أسرار جرائمها المشترك لا يسمح لأي طرف منها بتجاوز حدود الدعاية البسيطة في عداء الآخر .. (انتهى التصويب). أما “المنعرج الأخير” فهو انسداد طريق ولد عبد العزيز و اصطدامه بالجدار الأخير: لقد انتهت كل حيل ولد عبد العزيز و اكتملت كل الأسباب الموضوعية لإزاحة خرافة تحكمه الموهوم؛ لم نعد نحتاج سوى أن نهز “جذع النخلة” تشبثا بالأسباب… أول شروط دخول هذه المرحلة هو الكف نهائيا عن الحديث عن الحوار و تغيير الدستور و التخليف و تزوير الانتخابات : ـ لن نحاور ولد عبد العزيز و لن نساومه في الإفراج عن الرهينة لأنه أصبح أضعف من أن يفرض علينا شروطه.. ـ لن ندخل مع ولد عبد العزيز في أي انتخابات لأنه لا يستحق احترامنا و لم يعد يملك وسيلة لتجاوزنا.. ـ لن نسمح لولد عبد العزيز بتغيير الدستور بل سنتحداه أن يتجاوز 48 ساعة في الحكم، إذا تطرق له و لو تلميحا .. ـ لن يستطيع ولد عبد العزيز و لا غيره بعد اليوم، تزوير أي انتخابات في موريتانيا و لا المشاركة فيها.. ـ لن يستطيع ولد عبد العزيز اليوم أن يفرض شروطه في أي حل وطني يتبلور على أرضنا.. ـ لن يخلف ولد عبد العزيز إلا ما خلفه من دمار في موريتانيا و لن يذهب ولد بايه و لا ابنه أحمدو بعده إلا إلى السجن.. الخيارات الوحيدة المطروحة اليوم أمام ولد عبد العزيز هي بين أن يخرج مذعورا أو “يبقى” مذعورا .. لقد عاد ولد عبد العزيز من السعودية منتصرا بحفنة دولارات و عدة اتفاقيات “هامة” على رأسها إرسال جنود موريتانيين إلى الموت في صحراء الربع الخالي على الجبهة الأمامية لحرب مجنونة لا تفرق فيها بين عدو و صديق .. لكن انتصار ولد عبد العزيز الذي أعد خطابه أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في أمريكا لبلوغ هدفه، ليس الحصول على حفنة دولارات كعادته و لا إبرام مثل هذه الاتفاقيات التي توزع في صفقات مدرة للدخل، جنود موريتانيا على كوت ديفوار و إفريقيا الوسطى و جنوب السودان و السعودية في حين يعجز أمننا عن مواجهة الجريمة على شارع عزيز (المعبر عن كذبة اسمه بممارسات أبطاله الموغلة في الشذوذ و الانحراف)؛ إنما ينشده ولد عبد العزيز أبعد من هذا كله و أقرب منه كله : إنه تأمين ملجأ آمن مثل السعودية و مثل ما فعل معاوية، حين يقرر الهروب بعدما أصبح يتراءى له كحتمية لا مفر منها إلا إليها. و هناك الآن حديث لم يبلغ بعد مرحلة الدقة، عن منح ملك السعودية طائرة خاصة للرئاسة الموريتانية أو شرائها من السعودية و عن إيداع ولد عبد العزيز مبالغ نقدية هامة في بنك الراجحي و تفاصيل أخرى تصب كلها في تأكيد السعي لترتيب مهرب آمن للأسرة.. هذه الخطوة الذكية بالفعل، نظرا لطبيعة النظام السعودي الحامي لزين العبدين بن علي لأسباب و مبررات مشابهة في الشكل دون الجوهر (حيث يظل من الظلم تشبيه الدكتاتوري التونسي زين العبدين الذي شيد تونس الحديثة بحثالة متغطرس دمر ما تبقى من موريتانيا ليتحول أقاربه إلى أهم رواد كازينوهات العالم ببلاهة أمراء النفط في سبعينيات القرن الماضي)، تظل محكومة بالفشل، نظرا لمعطيات يجهلها ولد عبد العزيز ، سنضن عليه هذه المرة بذكرها حتى يواصل رحلته الميمونة من الديار المقدسة إلى مثواه الأخير في “دار النعيم” بإذن الله.. لقد تم إثبات نهب العصابة لثروة هذا البلد في معركة صعبة أخذت الكثير من الجهود و من والوقت ليتم تثبيتها بالشمع الأحمر في الداخل و الخارج، حتى أصبح من المؤكد أن أول المستعدين للمطالبة بإعادتها بعد الهروب، سيكون على رأسهم ولد محم و ولد الشدو و ولد حجبو و اتحاد الأدباء الموريتانيين و المجلس الإسلامي الأعلى و محكمة الحسابات و اتحاد أرباب العمل.. أنا أتحدى ولد أجاي اليوم أن يجد من يشتري منه أي مدرسة حتى لو عرضها بأوقية واحدة في المزاد، سواء من أقارب ولد عبد العزيز بطريقة مباشرة أو غير مباشرة (كما فعلوا في أشياء أخرى سنأتي عليها في ما بعد) أو من غيرهم، لأن من يشتريها اليوم يتحدى إرادة الشعب الموريتاني أكثر ممن يبيعها : لقد فهم الجميع الآن أن من اشتروا بلوكات و حولوا مدرسة الشرطة إلى سوق تجارية و الملعب الأولمبي إلى أبراج ناعسة أوقعهم ولد عبد العزيز في ورطة لا مخرج منها لأنه سيكون عليهم لا أن يردوها فحسب و إنما إعادتها إلى ما كانت عليه بنفس النمط المعماري و الخصائص المرتبطة بزمن تشييدها كمعالم هامة من تطور العاصمة نواكشوط، كان اغتصابها استفزازا موجعا لعطب الذاكرة … إن أهم تحديات المرحلة اليوم هو تتبع أين ذهبت ثرواتنا التي نهبها عزيز و مقربوه و هي معركة غطس و تحليق و استقصاء، استطعنا حتى الآن تحديد أهم حدود خارطتها و أهم بوابات و طرق استنزافها و أسماء و مواقع أكثر من ساهموا في تسهيلها من داخل الإدارة، فوراء فتح كل بنك جديد جريمة و وراء فتح كل سفارة جديدة تفكير في جريمة و وراء كل تعيين جديد ترتيب جريمة أو إخفاء أخرى: لقد تم فتح مجال إجرام العصابة حتى طال كل شيء لكن معركة التفاصيل تظل الأصعب رغم أن دعايتهم المضادة ظلت دائما مساعدة في كشف العديد من الحقائق بسبب جهل أصحابها و بعدهم من الاختصاص و خوفهم من العقوبة ؛ فكل ما ركزت دعاية النظام في مجال تأكدوا أن ثمة جريمة من عيار ثقيل تدار في الظلام.. و كل ما ظهرت دعايتهم في شكل حملة، تأكدوا أن هناك من مس وترا حساسا لتصدر الأوامر “السامية” إلى الشبيحة لافتراس المصدر .. و لا يملك ولد عبد العزيز اليوم وسيلة لتغيير نهجه لأن تخليه عن من يكلفهم بمثل هذه المهام القذرة و استبدالهم بآخرين سيعرض كل أسراره للانفلات و شعورهم بأنه لا يستطيع استبدالهم سيحول أسراره إلى سوق سمسرة مفتوح على مصراعيه كما يفعل أحميده ولد أباه اليوم و إعدام جيش من الببغاوات لم تعد “داعش” قادرة على ارتكابه.. لقد أفلس النظام على جميع الأصعدة و انكشفت حقائقه لكل قريب و بعيد : كل من يقرأ سطرا مما أكتبه اليوم يقول لي نسيت و نسيت و نسيت … نعم ، نسيت الكثير و تناسيت الكثير و تعبت عن ذكر الكثير و جهلت الكثير الكثير و مع هذا كله تدعي أبواق النفاق .