حزب المستقبل من رفوف المحاكم إلى عواصم الولايات

سبت, 2015-10-31 22:24

تعتبر ظاهرة التوالد سنة كونية مضطردة فالاجسام كلما تعاظمت وأستفحل مدها تشهد نوعا من التشظي والانقسام حيث تعيش الخلية الأم تناقضا داخليا مزمنا يفضي إلى ولادة قيسرية لكيانات جديدة ويعتبر المشهد السياسي الوطني أنموذجا صادقا لهذه التحولات فالطيف السياسي الموريتاني ذرية بعضها من بعض .

وقد خرجت على حزب التحالف الشعبي التقدمي  مؤخرا جماعات من مناضليه بحجة أن الحزب حاد عن مساره التحرري وذلك بخلعه جبة الحر, وأن رئيسه المناضل العتيد لم يعد يغني على أمباركة ,بل أصبح مسكونا بحب زينب يتبتل في محرابها ويريق دموع اللوعة والهيام في سبيلها

مرددا على لسان الشاعروالوزير الاندلسي ابن زيدون :

أما منى نفسي فأنت جميعها    ياليتني أصبحت بعض مناك

وبذلك قطع القوم الشك باليقين وأعلنوا الانشقاق عن الحزب وتأسيس حزب جديد سموه " المستقبل" إلا أنه سرعان ما انفجر الصراع بين الأخوة الأعداء فأنتقل المشروع الوليد من دغدغة الأحلام الوردية إلى باحات المحاكم بين قبضة عين وانتباهتها , فجناح الحقوقي الساموري ولد بي يرى أن رئيس الحزب الوزير والعمدة السابق تخلى عن خطاب الحزب وأصبح فيه من الزاهدين  في حين يرى ولد بربص وجناحه أن الأمر لا يعدوا أن يكون هستريا سلطوية تسكن ولد بي دفعته إلى محاولة الانقلاب على الشرعية وهكذا ترددت أصداء المرافعات بين الخصمين داخل قاعات المحاكم  والحرب لا تزال بينهما سجال حتى تقول المحكمة العليا القول الفصل .

ويبدو جناح الساموري ولد بي مستغلا بشكل جيد الجانب الحقوقي لتمريرخطابه السياسي , كما أن جناحه حاضر بشكل معتبر في المشهد الاعلامي السمعي والبصري أكثر من خصومه وبلغة صحيحة من حيث المعنى والمبنى وإن غلب أحيانا عليها طابع المشاكسة والألفاظ الحادة التى تحاول غرسها في خاصرة الخصم إلا أن المستفيد الفعلي من هذه الوضعية هو الجناح الذي يقوده ولد بربص فإبقاء الحال على ماهو عليه يعني أنه سيظل الرئيس الفعلي والشرعي للحزب ما لم يصدر عكس ذلك قضائيا ويبدو أن الرجل نهاز للفرص حيث بدى في الايام التشاورية التمهيدية ومن خلال مداخلته واثقا من نفسه باعتباره رئيسا فعليا لحزب معارض يسمى المستقبل , بل إن الرجل تمادى في فرض ما يعتبره أمرا واقعا عندما شارك في تكوين كتلة معارضة تدعى (الوفاق الوطني ) ويبدوا ولد بربص غير منزعج من قادم الأيام حيث تواطأت المصادر على قيامه بجولة داخلية لمعظم الولايات (الحوض الشرقي – الغربي –لعصابة –كوركول-الترارزة –انواذيبو – تيرس زمور) من أجل تنشيط قواعده الحزبية  ويبدوا أن هذه الزيارات تمت على وقع قرار  المحكمة العليا الأخير والذي يحمل رقم 40 -2015 الصادربتاريخ 13 -10-2015   والقاضي بإبقاء تنفيذ حكم لصالح ولد بي  وجماعته معلقا وهو ما يعتبره ولد بربص نصرا مؤزا ينبغي إسماعه لكل مناضلي ومناضلات  الحزب كما أنها فرصة لشرح مسوغات المشاركة في الحوار الوطني والآمال المعقودة عليه رغم تمسك الحزب بخيار المعارضة .

.فمن أين يستمد ولد بربص هذه الجسارة والثقة ؟ هل من إيمانه بعدالة قضيته ,أم بما يقوله دائما في مقابلاته : ( إن هزمنا قضائيا –لا قدر الله- فالحزب في النهاية مجرد رجال ونساء وهذا مالا يعوزنا) ؟؟    فلمن تكون الغلبة يا ترى ؟  

سيدى المختار علي     31 -10 -2015 .