أنكـــــــــــلاخ Nguellakh / بقلم : عبد القادر ولد محمد

جمعة, 2015-10-30 07:08

كثيرة هي الوجبــــــــــــــــات التي نتناولها في مـــــــــــــــــوريتانيا و كثيرة هي التسميات و الدلالات التي تحملها بعض الوجبات , لحد أن البعض أصبح حيـــــــــــــــــن يغضب غضبا شديدا ينظر إلى منبع جذوره ثم يخـــــــــــاطب تبعا لخلفيــــــــــــــته الوجباتية , فمثلا تجد أحدهم  يخاطب أخوه , صديقه أو رفيقه بالقول أنت هادئ الأعصاب و تفكر بشكل سليم  لأنك تتناول الوجبة الفلانية  بإنتظام.

مع  كل ذالك لا نجد للوجبات أو الأطباق الموريتانية أية رسالة إجتماعية واضحة المعالم كالتي نجدها حين تتاح لنا الفرصة أو تسمح لنا بمخالطة الإخوة السينغاليين و العيش في أحضانهم خلال فترة الأعيــــــــــــــاد الدينية , فهنــــــــــــاك الجميع منتعش بروح الوطنية و التكافل الإجتماعي في أبهى صوره أو تجليــــــــــــــــاته إن صح التعبير .

بداية هذا الأسطــــــــــــر تبيح للبعض التسائل عن معنى أو دلالة العنــــــــــــــــوان أو حتى أهمية هذا المقال المتواضع ؟ و قد يتساءل متسائل عن الأدوار المحتملة التي يمكن أن تلعبها  وجبـــــــــــــــــات معينة ؟ و هل حقا يقــــــــــــــــوم أنكـــــــــــلاخ أو    Nguellakh هذا  بدور إجتماعي حقيقي ؟

في الحقيقة لا يتصور الكثيـــــــــــــــر منا ما للتعبير من معاني و أشكال متعددة , فمثلا في جمهورية السينغال العلمانية و ذات ال 12 إثنيـــــــــة (الوولف , البولار , جاولا , سيرير, صوصيه..........إلخ) تعلب وجبة أنكـــــــــــلاخ   Nguellakh دورا إجتماعيــــــــــــــا مهما , فهي عرف مجتمعي و تقاليد دأب عليها السينغاليــــــــــــــون أيام الأعياد الديــــــــــــــــنية , فمثلا تجد المسلميــــــــــــن يقدمونها لأخوتهم في الوطن و شركائهم في هذه الحياة من أهل الكتـــــــــــــاب و غيرهم , كما  يفعل هؤلاء نفس الشيء قبيل إحتفالهم بأعيادهم .

في الواقع إن المواطن السينغالي يحق له أن  يفخر بــــــــوجود دولة و وطن يحترم فيه الجميع  بعضهم بعضا و يحفظ القانون للجميع حرية  ممارسة المعتقد تطبيـــــــــــقا  لنص الدستـــــــــــــــور السينغالي الذي يعرف السينغال على أنها أنها جمهورية الدين فيها لله و الوطن للجميع  شعارهم أنهم : شعب واحد ـ  هـــــــــــــــدف واحد  و روح واحدة .

إن أهميـــــــــــــة و دلالة وجبة أنكلاخ تكمن في كونها عبـــــــــــــــــارة عن وسيلة من وسائل تقوية ركائز التعايش المشترك و تنميــــــة روح الترابط و التلاحم و التكافل الإجتماعي , كيف لا و المسيــــــــــــــــــــحي يعيش مع المسلم أعيــــــــاده الدينية( عيد الفطر , عيد الأضحى و عيد المولد النبوي الشريف ) المعطرة بقالب  الوطنية التي تسمح للشعب السينغالي بالإفتخار بأنه أمة قائمة , و نفس الشعــــــــــــــور تجده عن المسلمين أيام أعياد الميلاد و غيرها من الأعياد المسيحية .

في الشكل و المضمون دائما ما يكون أنكـــــــــــلاخ  Nguellakhهو نفســــــــــــه سواء أعدته أيادي مسلمة أو غير مسلمة  , فتجده حلو المذاق , واضح المعالم و عميق الهدف الإجتماعي , و كل هذا نتيــــــــــــــــجة لكون الشعب السينغالي أدرك إختلافاته  الإثنية و

و العرقيــــــــــــــة و الثقافية , فترى الجميـــــــــــــــع يعبر عن إثنيته أيام الأعيــــــــــــــــاد و الأيام الثقافية التي تشرف الدولة على تنظيمها  بطريقة متحضــــــــــــــــرة و مستصاغة يبدع فيها الشعب السينغالي بالتعبير عن نفسه ب ( إرتداء ملابس تقليدية , ممارسة طقوس قديمة , تقديم عروض تحاكي الحياة القديمة لمختلف الأعراق المكونة للمجتمع السنغالي .....إلخ) .

هذه الأحرف لتعبر عن غيـــــــــــــــرة كاتبها و دهشته  حين حل ضيفا لفترة من الزمن على أرض تحمل على ظهرها 12 إثنية على الأقل , تعايش معهم و تعامل معهم في أجواء ودية يحترم فيها الجميع الجميع و يفهم فيها الجميع معنى الإختلاف و أهميــــــــــــة تسييره و التركيــــــز على مكامن الإختلافات و محــــــــــــاولة الإستفادة منها لأن الإختلاف نفسه رحمة و مكسب و ثروة لأولى الألباب.

في الأخير إننا مدركون حقا أن   العـــــــالم اليـــــوم يعيش فترة إحتقان خطيرة جدا و بلدنا للأسف الشديد رغم إعتناق الجميع لديانة واحد هي الإسلام ليس بمحصن كل الحصانة من عواقب الإحتقان الإجتماعي الذي تشهده البلاد منذ فترة , الأمر الذي يبيح لنا الحديث عن كل ما من شأنه تعزيز و توطيد اللحمة الوطنية التي بنيت على تصدعات تاريخية آن لها أن تزول , و محاولة خلق تصورات تساعد على إيجاد وحدة وطنية حقيــــــــــقية غير التي يتحدث عنها السياسيون من أجل كسب رضى الجماهيـــــــــر , مع علمهم أن خطاباتهم و خرجاتهم الإعلاميـــــــــــة و حربهم الضروس من أجل السلطة ليس سوى بمثابة من خرق سفينة تحمل الجميع , لأنه و الله ثم و الله لن تزول مسببات تصدع الوحدة الوطنية ما لم يتم القضاء على كل عوامل التخلف و الرجعيـــــــــــــة بدءا بالإسترقاق أو الإستعباد مـــــــــــــرورا بمحاربة الفقــــــــــــــر و الجهل محاربة حقيقيـــــــــة إنتهاءا ببناء دولة وطنية , دولة عدالة و مساواة و قانون يطبق على الجميع و يضعه الجميع فوق الجميع , و مع السعي لهذه الأهدف النبيلة لا يجد قائل من الكلام سوى حفظ الله موريتانيا.