انتهى زمن الصحافة الجميل .. انتهى زمن الأعمدة وجاء زمن الأرصدة .. لم تعد “موريتانيد” صوتا مقلقا رحم الله الراحل الكبير .. تخلى الرفاق عن صاحبة الجلالة وتركوها في العراء ..
لم يعد “الشارع الأخير” لنا، لم نعد نشعر أنه الملاذ والقلب المفتوح يوم تضيق وتزدحم كل الشوارع.
لم تعد “حروف النار” بذاك الألق الذي كانت به يوم اعتقدنا فيها حمما مقدسة ستجرف كل القهر وكل الويل ..!
جاء زمن ترهن فيه الصحافة نفسها لشركات التنقيب فتنهب الأرض ويموت الرجال وتتلاشى البسمة من الوجوه ولاتنطق الصحافة ..
جاء زمن تبيع فيه الصحافة نفسها لمؤسسات الإيراد والتصدير ويموت الفقراء بالسم وبالمواد منتهية الصلاحية ولاتتكلم الصحافة ..
جاء زمن تنهبنا فيه مؤسسات الاتصال وتأكل لحمنا وتمص دمنا ولاتتكلم الصحافة ..
جاء زمن تعلمنا فيه صحافتنا أن هناك دور للصحافة غير تنوير الرأي العام وبناء الرأي العام .. إنه تمييع الرأي العام والمساهمة في القضاء على الوطن ..
جاء زمن تعلمنا فيه الصحافة أن الحروف لا ينبغي أن تظل دائما طريقا للسجن قد تكون طريقا لرباعية دفع مريحة ..أو فيلاّ في أرقى الأحياء السكنية..أو رصيدا في أحد البنوك..!
جاء زمن أصبحت الصحافة مهنة من لا مهنة له ولا مهمة، غير الطمع وحبّ المال والوقوف على أبواب المسؤولين ليل نهار للتسول..!
جاء زمن تحولت الصحافة فيه إلى علاقات خاصة و “محلات” مشبوهة يديرها أنصاف وأرباع صحفيين..يمجّدون هذا ويأكلون لحم ذاك..يستلطفون تلك ويعادون أخرى..كلّ ذلك تابع لمزاج مريض ونيّات نجسة..
جاء زمن لا صحافة فيه إلا من رحم الله ونجّاه من جوع الأخلاق وذهاب ماء الوجه..
قلة جدا أولئك المُمسكون بضمائرهم ..المتَمَسّكون بمبادئهم، حرصا على إبقاء الأمل عندنا في ما يُدعى: صحافة..بعدما عاث فيها غيرهم فسادا ..!
بقلم: الصحفية آسية عبد الرحمن